Page 102 - merit 54
P. 102

‫العـدد ‪54‬‬   ‫‪100‬‬

                                                     ‫يونيو ‪٢٠٢3‬‬

 ‫التاريخي المغلف لها؛ وبين المسار التاريخي الذي‬      ‫غير جديرة بهذه الحياة؛ فهو يموت في بيت دعارة‬
   ‫انتظم الأحداث‪ ،‬بالمقابل يغرينا تما ًما التأمل في‬   ‫بعد مكيدة ما‪ ،‬ثم يترك لحال سبيله حتى تتفسخ‬
     ‫حركة الزمن التاريخي المعلن عنها في دروب‬
   ‫الحكاية‪ ،‬والتوازي الغريب بينها وبين السكون‬             ‫جثته وتنتشر الرائحة الكريهة فيفكر صاحبه‬
                                                     ‫ومرافقه في رحلات الحياة في نقل جثمانه إلى تحت‬
‫الزمني ‪-‬وربما يكون الأصح هو وصفه بالانتفاء‬
      ‫الزمني التام‪ -‬في حياة الأشخاص المحيطين‬               ‫شجرة اللبخ التي ستحمل عنه وزر الرائحة‪.‬‬
                                   ‫بالبلبيسي‪.‬‬         ‫رائحة سوف يغلفها ملف الولاية والصلاح حينما‬

‫تعج الرواية بتفاصيل حياة القاهرة وحياة الريف‬            ‫ينتشر في العزبة الحديث عن أن الميتة هي ميتة‬
   ‫أي ًضا‪ ،‬في مفترق القرنين ‪ 19‬و ‪20‬؛ فإذا تأملنا‬                                        ‫رجل صالح‪.‬‬

‫جي ًدا هذه الفترة الثرية بما فيها ومن فيها‪ ،‬أصابنا‬      ‫شجرة اللبخ بهذا المعنى هي المكان الذي يضمن‬
    ‫الذهول من التردي الروحي والثقافي للأبطال؛‬         ‫مسار تحويل الحقيقة الواقعية إلى أدوات للهمينة‪.‬‬
                                                      ‫فما من المفروض أن يكون سببًا للتقزز في الواقع‬
 ‫وخاصة للمرأة في هذه الفترة التي تشمل أحداث‬          ‫يصبح سببًا للتقديس‪ ،‬تقديس تعمل الرائحة الطيبة‬
                                                      ‫للشجرة على تأجيجه أو دعمه على الأقل‪ .‬وقد جاء‬

                                                        ‫لدى نقاد الرواية تأويل جميل لطريقة استدراج‬
                                                       ‫العنوان وهذه الشجرة صوب الأفق الذي نتحرك‬
                                                        ‫فيه‪ .‬وإذا أردنا تحليل هذه التسمية فإننا سوف‬

                                                              ‫نجد أن «التسمية الملتصقة بهذه الأحداث‬
                                                                   ‫الملعونة التي مرت بها الرواية‪ ،‬فإن‬
                                                                  ‫الأمر في تصوري لا يخرج عن كون‬

                                                                 ‫شجرة اللبخ تستخدم أوراقها بطريقة‬
                                                                  ‫معينة في الطب الشعبي لجذب القيح‬
                                                                       ‫والصديد حين تطرح في أماكن‬
                                                                  ‫الإصابة بالتلوث والفطريات‪ ،‬أي إلى‬
                                                                    ‫خارج الجسد‪ ،‬وبذلك يتم التخلص‬
                                                                       ‫من القيح ورائحته ومن المرض‬

                                                                 ‫المسبب له م ًعا‪ .‬كما أن أوراق الشجرة‬
                                                                  ‫طيبة الرائحة لكنها لم تستطع إخفاء‬

                                                               ‫الرائحة المنتنة من المقام‪ ،‬فكأن الشجرة‬
                                                          ‫تتواطأ على لعنة رضوان هي الأخرى‪ ،‬تمهي ًدا‬
                                                       ‫للإطاحة به وبمقامه من أسفلها»‪( .‬محمد بكري‪،‬‬
                                                           ‫جريدة «القدس العربي»‪ 23 ،‬يناير‪.)2016 ،‬‬

                                                     ‫‪ -4‬المرأة‪ ..‬بين هيمنة السرد وسرد‬
                                                                  ‫الهيمنة‬

                                                                 ‫لا تغرينا الرواية رغم تعرجاتها الكثيرة‬
                                                                         ‫في التاريخ بأي نوع من التأمل‬
                                                                            ‫للربط بين المسائل المذكوره‬
                                                                          ‫على هامش الأحداث والسياق‬
   97   98   99   100   101   102   103   104   105   106   107