Page 98 - merit 54
P. 98
العـدد 54 96
يونيو ٢٠٢3
صفراء خا ِفته ،وكان قد أع َّد العشاء بنفسه وقام فاختلط عليَّ الأمر ،هل يقوم بذلك بدافع الصداقة؟
بتحضير الأصناف التي أحبها ووضع الشموع على أم أنه يحمل هو الآخر مشاعر تجاهي؟ أحببته،
الطا ِو َلة ،كان أفضل كادر رأيته في حياتي إن لم أكن وازدهر بداخلي ذلك الشعور وتح َّول قلبي إلى
أعلم بوفاة «يوسف شاهين» لاعتق َّدت أنه وراء ذلك!
ُبس َتا ٍن ملعون؛ كلما َن َمت فيه مختلف الأزهار نشبت
تناولنا الطعام وتبادلنا حديثًا طوي ًل ،كانت من فيه الحرائق بسبب الطرف الآخر بداخلي الذي ظل
الم َّرات القليلة التى استمتعت فيها بالسماء الصافية ُيخبرني أنه يفعل فقط ذلك؛ لأنك وحيدة ،تحتاجين
المساعدة ،يشعر تجا ِهك بالشفقة ،و ُيح ِسن على بقايا
في الصيف ،وراقبنا القمر المك َت ِمل تلك الليلة الإنسان التي صرت عليه.
في صمت حتَّى ذابت المسافة بيننا مع الوقت،
وانصهرت شفاه كل ِمنَّا في الآخر فصرنا ُنقبِّل ***
بعضنا البعض كأن ُقبلتنا ستردع نهاية العالم ،أو
أنها س ُتس َّجل في موسوعة جينيس للأرقام القياسية مضى ما يقرب من العامين ،واظبت خلالها على
لأطول ُقب َلة في البشر َّية بأكلمها ،ابتعدت وجوهنا
في ُبطء و ِر َّقة ،ومالت رأسي على كتفه وأنا احتضنه الذهاب إلى جلسات العلاج النفسي م َّرة أخرى؛ كي
بلُطف ،أخبرني أنه لطالما وجدني دائ ًما أكثر النساء أتصالح مع تلك التجربة الصعبة ،ولأتأهب جسد ًّيا
ق َّوة في كل م َّرة حكيت له عن ضعفي ،وأنني الأكثر
ِسح ًرا كلما تح َّدثت إليه ،وأنني الأكثر شفافيَّة في ونفسيًّا لعملية بناء ما خسرته في مقابل نجاتي،
تلك اللحظات التي سيطر فيها الضباب على عقلي حتَّى حانت أكثر الليالي اختلا ًفا في حياتي.
وقدرتي على النظر إلى الأمور ،اندهشت من كلماته،
كانت من تلك الليالي الصيفيَّة النادرة التي ت ُمر فيها
ودمعت عيناي وقلت وأنا أضحك: نسمات الهواء الخفيفة التي تبعث على الإنسان
-ناقص بقى إ َّنك تركع على ركبك وتطلَّع خا ِتم
السكينة والسلام والهدوء ،لبَّيت فيها دعوة إسلام
وتسألني ..تتجوزيني؟! لتناول العشاء سو ًّيا ،و ُقمت بارتداء ُفستان أحمر
وبدون أن يتحرك سألني: اللون يتماشى مع مظهري المؤقت فلا يكشف إلا
-جاهزة فع ًل ..تتجوزيني؟ ظهري بأكمله الذي تخللته سلسلة ذهبية َحم َلت
م َّرت لحظات من الصمت حتَّى قرر لساني اختراقه
اسم «ريتا» ،وز َّينت وجهي ب ُكح ٍل يحدد عيني
أخي ًرا وقلت: وأحمر شفاه وحلق ذهبي في أذني ،أحببت نفسي
-انت اختياري في كل مرة.
استيقظت اليوم وأنا لم أتخيل قب ًل أنني سأكون لأ َّول م َّرة بعد فترة طويلة ِمن خصامها عندما
على سرير ذلك الرجل الذي لم اعتقد يو ًما أنه نجحت الأنثى بداخلي في شق طريقها إلى عقلي م َّرة
سيكون صديقي المُق َّرب ،وشريك حياتي ،وعلى
الجانب الآخر من حائط ُغرفتي اللوحة الخشبيَّة أخرى.
التي جمعت أسعد لحظاتي مع «ريتا» وفي نهاية دق الباب ،وحينما رآني «إسلام» َل َعت عيناه،
ذلك السرير يتك َّور «تيمور» القط الذي تبنيناه سو ًّيا و َع َلت وجهه ابتسامه وا ِس َعة انطلقت معها العديد
بعد أن فقد إحدى عينيه حينما واجه معا ِرك البقاء من الكلمات التي لم ُتن َطق ،قبَّل يد َّي وم َّد ذرا ِعه لي
في الشارع وحي ًدا ،بعد أن تم تسريبه أو فقدانه. فلففت ذراعي حولها وأنا أُبا ِد َله الابتسام ،وتركنا
المنزل ولكن بد ًل من النزول وجدتنا ذاهبان إلى
سطح عمارتنا وهو يخبرني عن َم َدى سعادته
بشعوره أخي ًرا بجدوى شراء هذه المساحة من
السطح ،واندهشت لما شاهد َّته! فقد قام بتجميله
بالنباتات الخضراء والزهور المل َّونة ،وز َّينه بأضواء