Page 103 - merit 54
P. 103

‫نون النسوة ‪1 0 1‬‬

                                                                 ‫الرواية؛ أقصد فتره ما بين‬

                                                                 ‫الحربين العالميتين‪ ،‬وهنا‬

                                                                 ‫نعود إلى الفكرة الأساسية‬

                                                                     ‫التي اتخذناها منظا ًرا‬
                                                                 ‫لمحمول الرواية‪ :‬إشكاليات‬

                                                                 ‫الهيمنة‪ .‬هل تقوم الهيمنة‬

                                                                 ‫على نقض الزمن؟ حتما‬

                                                                 ‫سيكون الزمن عد ًّوا لكل‬
                                                                 ‫مسارات الهيمنة؛ فالزمن‬

                                                                 ‫حليف التغيير‪ ،‬والهيمنة‬

                                                                 ‫ضد كل شكل من أشكال‬

                                                                 ‫الوضع القائم‪..‬‬

                                                                 ‫الفكرة الأخرى التي‬

                                                                 ‫تستوقفنا هي فكرة أن‬

                                                                 ‫السرد كله عبارة عن‬

‫كارل بوبر‬  ‫عزة رشاد‬                                   ‫جاك دريدا‬  ‫استرجاع (فلاش باك)‪..‬‬
                                                                  ‫هنا أي ًضا يغرينا التأمل‬
                                                                 ‫الفلسفي بالنظر في واقع‬
  ‫بد ًل من الولد‪ ..‬والمصير البائس نفسه ينتظر ليلى‬
           ‫وليلة الأم العالمة وابنتها من البلبيسي‪..‬‬   ‫هذا الشخص الذي احتل مكانة هامة في السرد بعد‬

    ‫البنت علامة سقوط في الثقافة القديمة‪ .‬ثقافة لا‬     ‫انتفاء وجوده الفعلي من خلال الموت‪ ،‬دون أن يكون‬
     ‫مكان فيها للتأنيث رغم الكثرة العددية للنسوة‬
 ‫اللاتي يتحركن على أديم الحياة وعلى أديم الرواية‪.‬‬     ‫ذا قيمة كبيرة ولا ذا مكانة مميزة‪ ..‬شخص دخل في‬
 ‫المصير نفسه سوف تحصل عليه الزوجة الجديدة‬
   ‫سعاد‪ .‬تهمتها ‪-‬عدا كونها امرأة‪ -‬هي أنها ضرة‬         ‫علاقة هيمنة مع الذاكرة‪ ..‬ولعل اللغة ستستدرجنا‬
     ‫الست صافيناز الزوجة «الرئيسية»؛ أم البنت‪.‬‬
 ‫والبنت الأخرى التي تظهر في الرواية كالشبح هي‬         ‫من حيث لا ندري صوب قرابة صوتية بين سلطه‬
 ‫«ليلى» التي أسلفنا ذكرها‪ ..‬ابنة البلبيسي من عالمة‬
‫ارمينية‪ ،‬حظيت بزواج قصير الأمد بعد ليلة راقصة‬         ‫الذاكرة وسلطه الذكر‪ ..‬أي أنها هيمنة أرضيتها‬
      ‫حمراء كانت نتيجتها سقوطها بالحمل وتولع‬
‫البلبيسي بها لفترة لم تطل طب ًعا‪ .‬عالمة سوف تموت‬      ‫القوة الميتافيزيقية المسلطة على النساء‪ ،‬لا بشيء عدا‬
     ‫سري ًعا لتنتقل البنت للعيش في السرايا‪ ،‬ولترى‬     ‫قوة التقاليد وثقل الماضي‪ ..‬ما ٍض سوف نجده دو ًما‬
                                                        ‫يخرج من دائرة السرد بفعل الماضي المفضل لدى‬
           ‫الجحيم على يدي زوجة أبيها‪ :‬صافيناز‪.‬‬
 ‫رضوان البلبيسي عاث في شخوص الرواية رجا ًل‬            ‫جميع المسرودات‪ ،‬لكي يدخل إلى دائرة اللاوعي‪.‬‬
 ‫ونسا ًء فسا ًدا وحرما ًنا وإهان ًة للجميع‪ ،‬فلم تصمد‬
‫علاقات الحب والقرابة أمام قسوته‪ ،‬فمات من مات‬          ‫في نهاية المسار‪ ،‬النساء هن الخاسرات الأكبر في‬
 ‫مها ًنا مهدو ًرا‪ ،‬وحرم من أفلت من الموت من الحب‬
 ‫ومن الحنان زو ًجا وعاش ًقا‪ ،‬ولم يرث المقربون منه‬     ‫محفل السرد هذا‪ .‬وإذا كنا نناقش هنا رواية كتبتها‬
  ‫جمي ًعا سوى القهر والكراهية والمرارة ثم القتل أو‬
                                                      ‫امرأة (الطبيبة عزة رشاد‪ ،‬ولصفة «الطبيبة» ما لها‬

                                                      ‫من الأهمية في المصحة السردية التي هي الرواية‬

                                                       ‫عمو ًما وتخصي ًصا‪ ،‬خارج هذا النص وبداخله)‪..‬‬
                                                      ‫فإننا نقف في حيرة أمام جحفل النسوة المقهورات‬

                                                      ‫هنا‪ :‬الشابة المسكينة التي يزف إليها شقيقها خبر‬

                                                      ‫نية البلبيسي أن يتزوجها لتحظى بحياة النساء‬

                                                      ‫الراقيات‪ ،‬داخل السرايا التي تحلم بها النساء‬

                                                      ‫جمي ًعا‪ ..‬سرايا خسرتها الزوجة الراقية‪ ،‬سليلة‬
                                                      ‫الباشوات التي أسقطها من عليائها إنجابها لبنت‬
   98   99   100   101   102   103   104   105   106   107   108