Page 108 - merit 54
P. 108

‫العـدد ‪54‬‬   ‫‪106‬‬

‫يونيو ‪٢٠٢3‬‬

 ‫اللغة السلسة ببعض الأمثال المستوحاة من الذاكرة‬
 ‫العربية الشعبية‪ ،‬ولاسيما القول المشهور‪« :‬إن غاب‬

                             ‫القط العب يا فار»(‪.)2‬‬
 ‫تسعى الروائية عزت رشاد لأن تحافظ على بوصلة‬

      ‫التلقي عبر المسار اللساني المنظم‪ ،‬ولكن يبقى‬
       ‫السؤال المتوقع‪ :‬هل يؤهل هذا المسار العادي‬
    ‫للغة الرواي َة لأن تكون مؤثرة على ذاكرة التلقي‪،‬‬
  ‫ومسك فكره‪ ،‬وإيصاله إلى لحظة الإدهاش عبر هذا‬
‫الأسلوب؟ هذا السؤال يقودني لاجتراح سؤال فرعي‬
 ‫آخر‪ :‬كيف تكون لغة الرواية؟ هل تكتفي بان تكون‬
 ‫محلية؟ أو تكون منسوجة على وفق منوال عربي أو‬
 ‫عالمي؟ ليس من اللازم أن يبدأ الروائي من العالمية‪،‬‬
  ‫فقد لا يكون ممكنًا ذلك‪ ،‬بل من المقبول أن يبدأ من‬
 ‫المحلية‪ ،‬ثم يصدر نفسه‪ ،‬باستدعاء الزمان‪ ،‬والمكان‬
   ‫المحليين‪ ،‬ثم توظيفهما توظي ًفا مغاي ًرا‪ ،‬يكاد يكون‬
    ‫مؤث ًرا بالمتلقي‪ ،‬ويوصل المقاصد‪ ،‬والمفاهيم التي‬
‫يتبناها‪ ،‬أو يريد تسويقها في نصوصه الروائية‪ ،‬ومن‬
 ‫ذلك مما يجب أن يعتني به لغته المتفق عليها‪ ،‬والتي‬
  ‫يشترك بها أبناء محلته‪ ،‬أو أبناء الدول المحيطة به‬
  ‫في قارته أو في مجاورته‪ ،‬وهذا ما نجده عند نجيب‬
‫محفوظ مث ًل‪ ،‬فقد يتفق القراء العرب على تنوعهم في‬
   ‫الموضوعات‪ ،‬والصياغات‪ ،‬متجنبًا الحضور المحلي‬
‫بنسبة عالية‪ ،‬وإن حضرت تلك المفردات المحلية‪ ،‬فقد‬

                  ‫تأتي على وجه التملح‪ ،‬والظرافة‪.‬‬
    ‫ما الذي حدث في رواية (شجرة اللبخ)‪ ،‬لكاتبتها‬
   ‫عزة رشاد‪ ،‬التي طبعت في دار الكتب خان للنشر‬

       ‫والتوزبع في القاهرة سنة ‪ 2014‬مسيحية‪ ،‬إذ‬
      ‫انمازت لغتها بالتعدد‪ ،‬وعدم الثبات على النمط‬
‫الواحد‪ ،‬فقد جمعت‪ :‬اللهجة واللغة‪ ،‬ولا يكاد يتخلص‬
  ‫كاتب من استعمال اللهجة‪ ،‬فلا بد من أن يزاوجها‬
‫مع اللغة‪ ،‬إذ يعد (الماوث تونك) من المسلَّمات به عند‬
  ‫التأليف‪ ،‬ولا يمكن التخلص من سطوته‪ ،‬فقد جرى‬
‫الحوار بين الشخصية الرئيسة سعاد‪ ،‬والشخصيات‬
 ‫الثانوية الواردة في رواية شجرة اللبخ‪ ،‬فقد تخاطب‬
    ‫إحدى النسوة سعاد‪ ،‬وهي حزينة‪ ،‬بعدما نظرت‬
‫إليها الثانية نظرة طويلة‪ ،‬وباستغراب‪ ،‬حينما ركزت‬
  ‫بملامحها‪ ،‬وتصورت أنها خادمة البلاط التي تعود‬
      ‫لزوجها المرحوم رضوان بيك‪ ،‬فجاءتها معزية‬
  ‫برحيله‪ ،‬فحدست في داخلها أنها الخادمة (نبوية)‪،‬‬
   103   104   105   106   107   108   109   110   111   112   113