Page 106 - merit 54
P. 106

‫العـدد ‪54‬‬           ‫‪104‬‬

                                                          ‫يونيو ‪٢٠٢3‬‬  ‫د‪.‬خالد حوير الشمس‬

                                                                                         ‫(العراق)‬

          ‫اللغة ومسار التلقي‬
        ‫في الرواية العربية‪..‬‬
‫«شجرة اللبخ» ميدا ًنا تحليل ًّيا‬

 ‫هي السر الوحيد لفهم أي نص أدبي‪ ،‬وللشعر لغته‪،‬‬              ‫ذات مكانة فضلى في التواصل‪ ،‬وقد أقول‬                ‫اللغة‬
                                   ‫وللسرد لغته‪.‬‬             ‫إنها وسيلة تواصل‪ ،‬وتعبير‪ ،‬عما يختلج‬
                                                          ‫في الأذهان‪ ،‬يوازي الحياة‪ ،‬ويوازي حجم‬
     ‫تتعالق اللغة بالثقافة تعال ًقا بار ًزا‪ ،‬حتى لا ينفك‬     ‫الثقافة‪ ،‬ويوازي الدين‪ ،‬والخارج نصي‬
  ‫إحداهما عن الأخرى‪ ،‬فتنعكس الثقافة الاجتماعية‪،‬‬           ‫بتعبير ُم ْج ِمل‪ ،‬إذ تكون النصوص الأدبية‬
‫والسياسية‪ ،‬والاقتصادية‪ ،‬والدينية‪ ،‬والفكرية في لغة‬
   ‫الشاعر أو السارد‪ ،‬وقد يقتنع محسن أطيمش أن‬                   ‫مع ًطى خارجيًّا قبل أن تكون مع ًطى نصيًّا‪ ،‬وقد‬
 ‫التكوين الأدبي نتيجة لتكوين ثقافي‪ ،‬يحيط بالشاعر‬          ‫يتعدد النظر إلى اللغة بحسب المنطلق‪ ،‬فحينما يشتغل‬
  ‫أو بالأديب‪ ،‬ولاسيما تأثره بالحياة المعاصرة‪« ،‬إن‬         ‫بها الأنثروبولوجي كليفي شتراوس مث ًل سيجد أنها‬
   ‫اللغة هي تراث الشاعر‪ ،‬فإلى أي مدى ارتبط بهذا‬
   ‫التراث؟ ثم ماذا أضاف إليه نتيجة لتكوينه الثقافي‬           ‫ظاهرة أنثروبولوجية‪ ،‬وحينما يشتغل بها دارسو‬
   ‫الجديد‪ ،‬وكيف أثرى لغته بالأساليب التي انبثقت‬             ‫سلوك الإنسان في علم الاجتماع‪ ،‬كإميل دور كايم‬
                                                          ‫سيجد أنها ظاهرة اجتماعية‪ ،‬وهكذا حينما ينظر إليها‬
    ‫عن الحياة المعاصرة»(‪ ،)1‬وتأتي القوالب اللسانية‬          ‫المشتغل الثقافي كتايلور‪ ،‬سيجد أنها ظاهرة ثقافية‪،‬‬
   ‫على وفق تلك الثقافة التي يتبناها الكاتب بوعي أو‬        ‫وهي الوسيلة الوحيدة التي تختزل الثقافة‪ ،‬فلا تأتي‬
    ‫بلاوعي‪ ،‬فتصنع لنا رؤية الكاتب لغة تقترب من‬
‫ثقافته‪ ،‬ويفلح حينها هذا الكاتب بالإعلان عن أفكاره‪،‬‬            ‫اللغة إلا وهي تمثِّل الكون‪ ،‬بل هي الوسيلة المثلى‬
‫وسلامة إيصالها إلى المتلقي الذي يلتقي معه بالواقع‬           ‫التي بإمكانها أن تختزل الوقائع الكثيرة بصياغات‬
 ‫الثقافي‪ ،‬والحدث اللساني‪ ،‬وتكمن المشكلة في حدود‬             ‫قليلة‪ ،‬خذ مث ًل واقعة الطف‪ ،‬وسردها الذي يحتاج‬
 ‫المتلقي المنزوي خارج الحدود التي يسكنها الكاتب‪،‬‬
 ‫فهنا يحتاج إلى لغة أكبر من المحلية‪ ،‬حتى لا يحدث‬               ‫إلى ست ساعات لاستيفائها‪ ،‬فقد تختزلها اللغة‬
                                                           ‫الشعرية أحيا ًنا في عشرين بيتًا بلغة شعرية‪ ،‬أو لغة‬
                                                          ‫سردية تصل إلى ‪ 500‬كلمة في قصة قصيرة‪ ،‬فاللغة‬
   101   102   103   104   105   106   107   108   109   110   111