Page 107 - merit 54
P. 107

‫نون النسوة ‪1 0 5‬‬

                                                                                  ‫التوتر الإفهامي‪ ،‬ويبقى‬

                                                                                  ‫القارئ في مساحة الدهشة‪،‬‬

                                                                                  ‫وينقر على خيط الاستمرار‬

                                                                                  ‫في إكمال فصول الرواية‪.‬‬

                                                                                  ‫ومن هنا فإن لغة الرواية‬

                                                                                  ‫عند عزة رشاد تنبثق‬

                                                                                  ‫بشكل عام من واقع‬

                                                                                  ‫مصر‪ ،‬والاعتداد بالهوية‬

                                                                                  ‫العربية فيها‪ ،‬أو الهوية‬

                                                                                  ‫المصرية بزاوية أضيق‪،‬‬

                                                                                  ‫مزاوجة بين المنظورين‬

                                                                                  ‫النخبوي‪ ،‬والشعبي‪،‬‬

                                                                                  ‫لتقنع المتلقي عبر هذا‬

                                                                                  ‫المسار اللغوي‪ ،‬ومعجم‬

                                                                                  ‫الشارع المصري‪ ،‬وأزقته‪،‬‬

‫عبد الله إبراهيم‬  ‫كلود ليفي ستروس‬                           ‫مصطفى لطفي المنفلوطي‬     ‫أن مصر عصية على‬
                                                                                  ‫التفتيق‪ ،‬إذ تتحكم بعزة‬

    ‫و ُتف َهم‪ ،‬فيأتي القلق مسيط ًرا على ذاكرة القارئ‪،‬‬                                ‫رشاد الهوية التاريخية‪،‬‬
‫بعدما كان مسيط ًرا على ثقافة الشخوص في الرواية‪،‬‬             ‫حينما سجلت عنوان روايتها بـ(شجرة)‪ ،‬مي ًل نحو‬
 ‫بحثًا عن الحب‪ ،‬والعدالة‪ ،‬فجاء المعجم الروائي مرة‬
‫أخرى مزدا ًنا بنسق المشاعر‪ ،‬والعاطفة‪ ،‬والمونولوج‬               ‫الأفق الحضاري القديم‪ ،‬كون الشجرة مما يثبت‬
                                                                 ‫على الأرض‪ ،‬ومما يتعلق بها أهل القرية حينما‬
        ‫الداخلي‪ ،‬والحرية‪ ،‬والإقطاع‪ ،‬والقرية (قرية‬                ‫يكونون قد تركت فيهم هذه الشجرة ذكريات‪،‬‬
                                      ‫السوالمة)‪.‬‬                 ‫ومواقف‪ ،‬فتحمل رمزية‪ ،‬ونس ًقا مسكو ًتا عنه‪،‬‬

   ‫تمر رواية (شجرة اللبخ) بمرحلة من الانضباط‬                ‫ينتقل بين قصص العشاق ربما‪ ،‬أو قصص المجتمع‬
    ‫الن ِّصي‪ ،‬والالتزام القواعدي؛ لتأتي لغتها صدى‬               ‫بوصفها علامة وموع ًدا يلتقي عنده الناس حين‬
 ‫لمعرفة الكاتب اللغوية‪ ،‬أو كفايته القواعدية بحسب‬
  ‫التعبير اللساني الحديث‪ ،‬فقد رصدت في عباراتها‬              ‫النكبات‪ ،‬وحين الظروف الطارئة‪ ،‬أو قصص الثورة‪،‬‬
                                                            ‫والمقاومة‪ ،‬إذ يكون موضع الشجرة مكا ًنا للمزاولة‪،‬‬
       ‫تنسي ًقا للنظام اللغوي‪ ،‬يجعلنا أن نرى اتزا ًنا‬
    ‫قواعد ًّيا‪ ،‬وانسجا ًما نصيًّا يسعى لتبريز الواقع‬               ‫ونقطة للبداية‪ ،‬فهكذا يتعامل المجتمع العربي‬
‫المصري‪ ،‬ولا أدل على استدعاء ذلك الواقع من أسماء‬                ‫مع الرمزيات بصورة قلقة بعي ًدا عن الاستقرار‪،‬‬
                                                             ‫والتمادي‪ ،‬واللامبالاة‪ ،‬ومما يتوافر على المدينة على‬

‫الشخصيات في الرواية‪ ،‬إذ تأطرت أحداثها بفواعل لا‬             ‫العكس من أهل القرية‪ ،‬التي تبحث عن الوجود‬

‫تنفك إلا وأنت تحكم أنهم مصريون (متولي‪ ،‬سعاد‪،‬‬                ‫في نظر الطبيبة الروائية عزة رشاد‪ ،‬إذ تبحث عن‬
  ‫مدكور)‪ ،‬فض ًل عن توصيف بعض الشخصيات‪،‬‬
                                                            ‫التصورات الاجتماعية في روايتها‪ ،‬فاختارت معج ًما‬
                                                             ‫يناسب شخصيات القرية‪ ،‬وكيفية اختفائه في لغط‬
                  ‫معجم سياسي آخر ينتمي لعالم الباشوات‪ ،‬فصيغت البيه‪ ،‬الهانم‪ ،‬مما يستعمله المجتمع المصري‪.‬‬
                  ‫ثم يأتي الاستعمال المعجمي غير متوعر‪ ،‬ولا‬
                                                            ‫الحكايات على لسان شخصياتها‪ :‬سعاد البنت‬
‫الحنونة‪ ،‬والهادئة‪ ،‬وصافيناز البنت المتولعة حرا ًكا‪ ،‬ف ًّظا‪ ،‬ولا صعب الاستيعاب‪ ،‬بل اقترب من الذاكرة‬

‫المصرية في مفرداتها الفصيحة‪ ،‬ولا يسبب جفا ًء‬                ‫وإشعا ًعا‪ ،‬وزوجهما السياسي‪ ،‬المتقلب رضوان‬
‫عند المتلقي العربي في الجهة الأخرى‪ ،‬مع تعزيز تلك‬            ‫بك‪ ،‬الذي لم تثبت حقيقته‪ ،‬ولم تثبت أفكاره‪ ،‬ل ُتق َرأ‪،‬‬
   102   103   104   105   106   107   108   109   110   111   112