Page 109 - merit 54
P. 109

‫نون النسوة ‪1 0 7‬‬

     ‫وقالت لها بلهجة دراجة‪ ،‬ثم ردت عليها بلهجة‬
   ‫أخرى‪ ،‬جاءت هذه اللهجة على شكل تعبير طويل‪،‬‬
   ‫أو جمل متعددة بتعبير أدق‪« :‬زمانهم بيقولوا كنا‬
  ‫مطلعين عينيكي يا نبوية‪ ،‬وفقتي بعد ما سيبتينا‪..‬‬
‫لكن الشابة التي تبدو قد حدست حيرتها تميل عليها‬
 ‫هامسة‪ :‬خدامتك قمر بنت نبوية‪ ،‬أمي مبقيتش تقدر‬

                     ‫تمشي‪ ،‬سامحيها يا هانم»(‪.)3‬‬
 ‫وقد استدعت الكاتبة نم ًطا آخر من اللهجة الدارجة‪،‬‬
‫إذ تنساق مع التيار الأدبي الذي يميل إلى استحضار‬
  ‫اللغة اليومية في النص الإبداعي دونما إحداث خلل‬

   ‫في بنية الخطاب الروائي‪ ،‬جاء ذلك اليومي المحكي‬
       ‫على شكل تركيب عطفي‪ ،‬يستعمله المصريون‬

     ‫استعما ًل يجري كالمثل‪ ،‬يقال في سياق التحدي‪،‬‬
      ‫والضبط الاجتماعي (تالت ومتلت)‪ ،‬إذ يشتغل‬
  ‫المنولوج عند سعاد باقتطاع حقها من الدنيا كام ًل‬
  ‫بعد إهمال أخيها لها‪ ،‬فلم يكن بوسعها إلا أن تشد‬
   ‫القوى‪ ،‬وتستجمعها؛ لتعيش بسلام في القصر أو‬
  ‫السراية كما تعبر الرواية‪« ،‬وهي تمد يدها‪ ،‬وتفتح‬
    ‫باب السراي‪ ،‬سجنها أو ملجأها الوحيد‪ ،‬بعد أن‬
 ‫طرها‪ ،‬تقريبًا أخوها‪ ،‬وتقسم مع أول خطواتها أنها‬
     ‫ستأخذ من الدنيا حقها (تالت ومتلت) لن تعود‬

                      ‫سعاد العيِّلة قليلة الحيلة»(‪.)4‬‬
    ‫يطغى الحضور الشعبي على الرواية‪ ،‬فيأتي نمط‬
    ‫ثالث يبرز على وجه استدعاء المفردة العامية على‬

      ‫وفق سياسة التحوير في حروفها‪ ،‬أي بتقديم‪،‬‬
  ‫وتأخير النظام الكتابي للمفردة‪ ،‬فض ًل عن إضافة‬

    ‫بعض الأصوات إليها‪ ،‬إذ يتبدل الأداء من مفردة‬
 ‫(أصابع) إلى صوابع‪ ،‬كأنه اللسان الاجتماعي يلجأ‬

    ‫إلى تقنية الحذف‪ ،‬والتعويض‪ ،‬فتقوم عزة رشاد‬
   ‫بتوصيف مفتاح قلب رضوان بيك ليس أكثر من‬
     ‫معدته‪ ،‬التي أمسكت بها سعاد هانم عبر الطبخ‬
    ‫الراقي «تدلف إلى المطبخ كي تستغرقها مهارتها‬
   ‫في تجهيز الأطعمة آملة أن تنجو من كآبة لم تكن‬
   ‫تتوقعها‪ ،‬ورغم أن خبرتها لم تخذلها‪ ،‬وكاد البيه‪،‬‬

      ‫وأصحابه‪ ،‬أن يأكلوا صوابعهم وراء أكلها»(‪.)5‬‬
‫يرد الغريب والواضح عند عزة‪ ،‬وقد تؤكد استعمال‬

  ‫اللغة الوارفة‪ ،‬والواضحة‪ ،‬والمستساغة القريبة من‬
 ‫المتلقي‪ ،‬فض ًل عن اللجوء إلى بعض الغرابة لتمنحها‬

  ‫وج ًها مشر ًقا‪ ،‬ورون ًقا في التلقي‪ ،‬حينما عبرت عن‬
   104   105   106   107   108   109   110   111   112   113   114