Page 110 - merit 54
P. 110

‫في الرواية‪ ..‬الواقع الريفي‬
                                                         ‫سلطة قيمية‪ ،‬يعبر عنها حقل‬
                                                       ‫الزراعة‪ ،‬والمفردات الأخرى‪ :‬أرض‪،‬‬
                                                        ‫طين‪ ،‬ترعة‪ ،‬ضرع‪ ،‬شبر‪ ،‬فانضوى‬

                                                             ‫في هذا الحقل الدلالي عدد‬
                                                           ‫من المفردات الدلالية النازلة‬
                                                             ‫فيه‪ ،‬والمقتربة الاستعمال‪،‬‬
                                                          ‫مما تؤثر على صياغة المشهد‬
                                                        ‫السردي‪ ،‬ومناقشة زمان الرواية‬
                                                         ‫الذي يتحاور مع علاقة الإنجليز‬
                                                       ‫بالسلطة العربية (البكوات) في‬

                                                                                       ‫مصر‪.‬‬

      ‫ما يؤخذ على عزة رشاد تماهيها مع الواقعي‪،‬‬           ‫موضع من مواضع سكة الحديد الخاصة بالقطار‪،‬‬
 ‫واللغة البسيطة في روايتها هذه؛ إذ اعتنت بصياغة‬          ‫أو المكان المرتفع‪ ،‬الذي يستعمله الأطفال للتزحلق‪،‬‬
                                                         ‫حينما كان يصطحب الأب سعاد‪« ،‬فلم تكن بعد قد‬
   ‫الأفكار‪ ،‬وبتقديم فكرة الصراع بلغة تكاد تقترب‬           ‫امتلكت ذاكرة عندما مات أبوها‪ ،‬لتخبرها إن كان‬
 ‫من الهدوء‪ ،‬ولا تغرق بالرمزية؛ لتحافظ على شعور‬
 ‫القارئ‪ ،‬ولاسيما أن روايتها كانت طويلة‪ ،‬أو كبيرة‬            ‫مهيبًا أم لا‪ ،‬ترك (البنية) آخر العنقود لأم طيبة‬
 ‫الحجم‪ ،‬فاعتنت بفعل التعاطف مع المتلقي أكثر من‬          ‫ودستة من الصبيان‪ ،‬أصغرهم كان يكبرها بعشرة‬
‫عنايتها بفعل اللغة‪ ،‬والتزويق‪ ،‬فجاءت الإضاءات في‬        ‫أعوام‪ ،‬وأكبرهم يحملها فوق كتفيه ويلف بها البلدة‪،‬‬
                                                        ‫وأحيا ًنا يأخذها إلى مزلقان السكة الحديد في انتظار‬
   ‫زخ الأحداث‪ ،‬وإكثار الشخصيات‪ ،‬وتنوع الأمكنة‬
‫أكثر من الإضاءة حول التعبيرات‪ ،‬كما تؤكدها غادة‬                              ‫القطار الآتي من العاصمة»(‪.)6‬‬
                                                         ‫تسعى الروائية لان توجد خطا ًبا روائيًّا تنماز لغته‬
   ‫السمان‪ ،‬أو أحلام مستغاني‪ ،‬أو ميسلون هادي‪،‬‬
     ‫أو غيرها من الروائيات العربيات‪ ،‬ويتم تفسير‬            ‫بالجمالي‪ ،‬والبياني‪ ،‬مازجة بين الحقيقة والمجاز‪،‬‬
 ‫هذا الانغماس بالعاطفي‪ ،‬والتأكيد على الشخصيات‬               ‫فحينما تأتي شخصية روايته الرئيسة (سعاد)‬
‫النسوية‪ ،‬ومنحها بطولة الرواية بانقيادي إلى تأشير‬           ‫توصفها عزة رشاد‪ ،‬وتوصف زوجها (رضوان‬
    ‫استجابتها للنسق الثقافي المصري‪ ،‬الذي تتحكم‬              ‫بيه)‪ ،‬وتصور العلاقة بينهما عبر استعمال لغة‬
   ‫به فلسفة حب الأرض‪ ،‬وحب الماضي‪ ،‬والاعتزاز‬
   ‫بحضارة الفراعنة‪ ،‬والثورة ضد القيم السياسية‬                 ‫المجاز‪ ،‬حينما تؤشر البساطة في نوم زوجها‪،‬‬
 ‫التي تصنف على أنها أناخت أمام القوى السياسية‬            ‫فتستعير مفهوم الإيقاع المنظم لشخير الزوج‪ ،‬بعد‬
‫الخارجية‪ ،‬غير المباح حضورها في البلاد الإسلامية‪،‬‬
‫كونها تحيا‪ ،‬وتنطلق وسط أجواء العمالة‪ ،‬والخيانة‪،‬‬             ‫أن مات‪ ،‬في حين تعبر تعبي ًرا حقيقيًّا عن وضع‬
  ‫ف َتب َيّ َن أن عزة رشاد في خطابها هذا تحترم القيم‪،‬‬      ‫الرأس في جسد سعاد‪« ،‬بل بدأت تفتقده بالفعل‪،‬‬
 ‫والموضوع‪ ،‬وإيصال الأفكار‪ ،‬ولا تتعمق في جمالية‬          ‫أرنبة أنفه الطويل التي تكون أول ما يلامس جلدها‬
 ‫الصياغة‪ ،‬والتبذير في الصياغة الفنية‪ ،‬فكانت تميل‬       ‫عندما يقترب ليدس رأسه بين ثدييها‪ ،‬الإيقاع المنتظم‬
                                                          ‫لشخيره الذي يطمئنها على استقرار العالم‪ ،‬فتغط‬

                                                                                             ‫بالنوم»(‪.)7‬‬
   105   106   107   108   109   110   111   112   113   114   115