Page 214 - merit 54
P. 214

‫العـدد ‪54‬‬                              ‫‪212‬‬

                               ‫يونيو ‪٢٠٢3‬‬                              ‫استحسان الرداءة‪:‬‬
                                                                ‫تعمل هذه الاستراتيجية على‬
   ‫وهل على الحاكم أن يثمن‬         ‫(نعوم تشومسكي‪ /‬عشر‬           ‫تشجيع الجهور على قبول أن‬
   ‫تاريخ الشعوب في السعي‬              ‫استراتيجيات للتحكم‬       ‫ينظر إليه على أنه من «الجيد»‬
   ‫نحو الحرية لأنها مدفوعة‬                      ‫بالشعوب)‬
   ‫برغبة أكبر من رغبته هي‬            ‫فالحياة السياسية منذ‬           ‫أن يكون غبيًّا وصاحب‬
‫البقاء والحصول على حقوق؟‬                                                  ‫فوضي وجاه ًل‪.‬‬
   ‫وهل نحتاج في مجتمعاتنا‬       ‫نشأتها الأولي في المجتمعات‬
                                 ‫البدائية عبر حقب تاريخية‬      ‫‪ -9‬استبدال مشاعر التم ُّرد‬
     ‫المعاصرة إلى ابتكار لغة‬                                          ‫بالإحساس بالذنب‪:‬‬
 ‫تواصل جديدة بين الشعوب‬               ‫قديمة كان الهدف من‬
 ‫والقادة قوامها الإنسان أو ًل‬   ‫وجودها هو خلق مجتمعات‬          ‫جعل الفرد يظن أنه المسؤول‬
  ‫وقبل أي رغبة زائفة؟ وهل‬         ‫إنسانية آمنه أو ًل‪ ،‬وتنظيم‬       ‫الوحيد عن تعاسته‪ ،‬وأن‬
                                 ‫هذه المجتمعات ثانيًا‪ ،‬إلا أن‬      ‫سبب مسؤوليته تلك هو‬
     ‫الصراع والنفوذ والقهر‬
     ‫والسيطرة والاستحواذ‬          ‫هذه الأولويات قد تغيرت‬         ‫نقص في ذكائه وقدراته أو‬
     ‫سمات رئيسة في الحياة‬        ‫مع تطور المجتمعات وتغير‬                       ‫مجهوداته‪.‬‬
 ‫السياسية لا يمكن التخلص‬        ‫السلوك البشري‪ .‬فأصبحت‬
‫منها؟ ولماذا جاءت السياسات‬        ‫هذه الاستراتيجيات جز ًءا‬        ‫‪ -10‬معرفة الأفراد أكثر‬
‫مقترنة بهذه الصفات؟ ولماذا‬                                           ‫مما يعرفون أنفسهم‪:‬‬
      ‫لم يتم الاقتران بالعدل‬       ‫أساسيًّا من طبيعة العمل‬
‫والحرية والمساواة والحقوق‬            ‫العام وسياسيًّا بشكل‬       ‫خلال نصف القرن الماضي‪،‬‬
 ‫الإنسانية؟ وإلى متى سيظل‬                                          ‫حفرت التطورات العلمية‬
     ‫الإنسان يدفع ثمن عدم‬      ‫خاص‪ ،‬فنتيجة علاقة الفرض‬
  ‫الاقتران؟ وإلى متى ستظل‬      ‫والنفوذ من الحاكم‪ ،‬والسعي‬        ‫المذهلة فجوة لا تزال تتسع‬
    ‫هذه التساؤلات غصة في‬         ‫نحو الحرية والحصول على‬            ‫بين المعارف العامة وتلك‬
                                ‫الحقوق من الشعوب تتشكل‬            ‫التي تحتكرها وتستعملها‬
             ‫حلق الشعوب؟‬                                          ‫النخب الحاكمة‪ .‬من خلال‬
                                    ‫ملامح الحياة السياسية‬          ‫علوم الأحياء‪ ،‬وبيولوجيا‬
                   ‫‪-----‬‬             ‫المعاصرة‪ ،‬لتظل الحياة‬          ‫الأعصاب‪ ،‬وعلم النفس‬
‫حاصلة على درجة الدكتوراة‬            ‫السياسية سجا ًل طوي ًل‬         ‫التطبيقي‪ ،‬توصل النظام‬
                                  ‫لتاريخ الرغبات المتضاربة‬         ‫إلى معرفة متقدمة للكائن‬
       ‫في الفلسفة السياسية‬       ‫بين الحاكم والمحكوم‪ ،‬بين‬          ‫البشري‪ ،‬على الصعيدين‬
      ‫في موضوع (الليبرالية‬     ‫رغبة ونفوذ بين قوة وتطلع‪.‬‬
 ‫الاجتماعية في فلسفة براين‬       ‫لنجد أنفسنا أمام عديد من‬        ‫العضوي أو النفسي‪ .‬ولقد‬
 ‫باري السياسية) من جامعة‬          ‫التساؤلات الفلسفية دون‬       ‫تمكن «النظام العالمي الحاكم»‬
                                ‫إجابات‪ :‬هل على الشعوب أن‬
           ‫سوهاج‪.2023 ،‬‬        ‫تقدر ما يلجأ إليه الحاكم من‬       ‫من معرفة الأفراد أكثر من‬
                                ‫هذه الاستراتيجيات‪ ،‬فشأنه‬            ‫معرفتهم لذواتهم‪ .‬وهذا‬
                               ‫شأنهم تما ًما‪ ،‬فهو مدفوع هو‬
                                  ‫الآخر بمزيد من الرغبات؟‬        ‫يعني أنه في معظم الحالات‬
                                                                   ‫يستطيع النظام السيطرة‬

                                                                 ‫على الأفراد والتحكم فيهم‪.‬‬
   209   210   211   212   213   214   215   216   217   218   219