Page 216 - merit 54
P. 216

‫العـدد ‪54‬‬                               ‫‪214‬‬

                                                               ‫يونيو ‪٢٠٢3‬‬                         ‫د‪.‬مرام محمود‬
                                                                                                  ‫ثابت‬
   ‫تحليل الأفلام السينمائية‬     ‫الأثر المنعكس الذي‬             ‫يعد‬
 ‫التي ُتن َتج في فترة الأزمات‪،‬‬       ‫تحدثه الدراما‬
                                    ‫السينمائية على‬                 ‫السينما بين سيكولوجية الجماهير‬
       ‫وترصد تأثيرها على‬                                               ‫والإدراك بالقضايا المجتمعية‬
                  ‫الشعوب‪.‬‬        ‫المتلقي من الأمور‬
                                    ‫المثيرة للتأمل والدراسة‪،‬‬
 ‫وبالحديث عن السينما فقد‬
  ‫ساهمت الصورة البصرية‬           ‫سواء كان هذا المتلقي واعيًا‬
 ‫للأفلام بالتعريف بالقضايا‬          ‫أم غير وا ٍع‪ ،‬أميًّا كان أو‬
 ‫المجتمعية التي تعزز قضية‬
  ‫الهوية والانتماء‪ ،‬وتسارع‬       ‫متعل ًما‪ ،‬فالمقصد هو التغذية‬
                                    ‫المرتجعة للأفلام‪ ،‬ومدى‬
        ‫إلى معالجة القضايا‬
   ‫الاجتماعية والاقتصادية‪،‬‬        ‫تأثيرها على نفسية المتلقي‬
                                ‫وفكره وتصرفاته لاح ًقا‪ ،‬مما‬
      ‫وتناول قضايا حيوية‬
   ‫وشائكة ذات أهمية بالغة‬          ‫يعكس الصراع الإنساني‬
‫على مستوى قضايا المواطنة‬            ‫والنفسي للمشاهدين في‬
‫والأفراد‪ ،‬مثل قضية الشقاق‬         ‫حياتهم كأفراد في المجتمع‪،‬‬
‫المجتمعي للأسرة‪ ،‬والبطالة‪،‬‬          ‫مما يترتب عليه تغ ُّير في‬
  ‫والفساد الأخلاقي‪ ،‬الناتج‬        ‫السلوك البشري تدريجيًّا‪،‬‬
    ‫عن فساد شريحة كبيرة‬         ‫وتغ ُّير الخواص النفسية لدى‬

     ‫من الطبقات العليا ذات‬                         ‫الأفراد‪.‬‬
    ‫السطوة والنفوذ‪ ،‬والتي‬          ‫وهذا ما أشار إليه المؤرخ‬
    ‫احتكرت قوت الشعوب‪،‬‬            ‫الفرنسي غوستاف لوبون‬
‫فتفشت الأمراض المستوطنة‬
 ‫في أفراده وتعالت صيحات‬               ‫في كتابه (سيكولوجية‬
  ‫الشباب العاطل عن العمل‪.‬‬           ‫الجماهير) والذي تحدث‬
      ‫ومن هذه الأفلام التي‬        ‫فيه عن التحولات الضخمة‬
‫كانت لها تأثير على مستوى‬
 ‫الأفراد والمجتمعات الثقافية‬          ‫والأحداث الكبرى التي‬
  ‫الفيلم المغربي (كازانيكرا)‬       ‫يشهدها العالم‪ ،‬والتي من‬
   ‫إنتاج ‪ 2008‬للمخرج نور‬
 ‫الدين الخماري‪ ،‬الذي تناول‬           ‫شأنها أن تحدث الآثار‬
    ‫فيه قضية البطالة‪ ،‬وحلم‬       ‫المرئية للمتغيرات اللامرئية‬
   ‫الهجرة الذي يراود الكثير‬      ‫التي تصيب الفكر البشري‪،‬‬
 ‫من الشباب العربي‪ ،‬وسعى‬           ‫فتش ِّكل طبائعه الجديدة في‬
   ‫إلى توظيف كافة العناصر‬
   ‫البصرية والدرامية بشكل‬          ‫اللحظات الأشد حر ًجا في‬
   ‫يخدم فكرة الفيلم‪ ،‬وتدور‬         ‫تاريخ الحضارات الممتدة‪،‬‬
 ‫أحداثه حول شابين عاطلين‬        ‫وتحيل قضاياه المصيرية إلى‬
     ‫عن العمل تجمع بينهما‬          ‫ساحة اقتتال ونزاع دائم‬
‫الصداقة والأعمال الإجرامية‪،‬‬         ‫لس ِّد حاجاته الاقتصادية‬

                                     ‫الأولية‪ ،‬وهذا ما عبَّرت‬
                                   ‫عنه السينما؛ الأداة الأشد‬
                                 ‫تأثي ًرا على الأفراد والمجتمع‪،‬‬

                                     ‫وكان للدراسات الأدبية‬
                                     ‫والأكاديمية نصيب من‬
   211   212   213   214   215   216   217   218   219   220   221