Page 24 - merit 54
P. 24

‫العـدد ‪54‬‬                                   ‫‪22‬‬

                                                             ‫يونيو ‪٢٠٢3‬‬

‫من الأنظمة‪( :‬أنظمة مدارية متخصصة) [أن تكون‬                        ‫«العلم المعرفي»‪ ،‬يتصل بأسئلة جوهرية كبرى‬
 ‫خيالات الفكر منتظمة‪ ،‬ممتا ًزا بعضها عن بعض‪،‬‬                   ‫(سؤال المعرفة‪ ،‬وسؤال الإدراك‪ ،‬وسؤال الذهن)؛‬

    ‫محفو ًظا كلها في نصابه](‪)17‬؛ وهي نظام معرفي‬                               ‫أي سؤال‪ :‬كيف تحصل المعرفة؟‬
    ‫داخل الذهن يختص بنوع خاص من العلامات‪.‬‬                     ‫سؤا ُل المعرف ِة؛ أي كيف يعرف الإنسان ما يعرف؟‬
    ‫و(أنظمة مركزية) [فيها صور الأشياء مترتبة‬                  ‫يجيب تشومسكي (‪ )1975‬عن ذلك‪ ،‬أنه أمر يتأتى‬
    ‫على حد ما وقعت عليه في الوجود؛ فإذا أجال‬                 ‫عن طريق الحواس والحدس والتفكير المعقلن‪ ،‬وهو‬
 ‫خاطره في تصورها فكأنه اجتلى حقائقه](‪ .)18‬وهي‬
‫أنظمة تمركز المعلومات القادمة من الأنظمة المدارية‪،‬‬              ‫ما يفسر أي ًضا أن الإنسان رغم ارتباطه المحدود‬
                                                                ‫بالعا َل و ُبع ِده عن كثير من معطياته‪ ،‬توجد لديه‬
      ‫وتعالجها وتراقب انسجامها‪ ،‬من خلال بحث‬
  ‫علاقاتها بما يمتلكه الذهن من معلومات‪ ،‬بواسطة‬                     ‫معرفة كافية عن أشياء كثيرة (معرفة تصبح‬
                                                             ‫مكتسبة‪ ،‬ويكون الإنسان قاد ًرا على استدعائها كلما‬
                 ‫الإجراءات والطرق الاستنتاجية‪.‬‬
  ‫في التصور المعرفي يشتغل الذه ُن وفق آلية تعتمد‬                                        ‫دعت الضرورة ذلك)‪.‬‬
   ‫تحوي َل وترجم َة المداخل عبر “النواقل” العصبية‬             ‫سؤا ُل الإدرا ِك؛ أي كيف يدرك الإنسان ما يعرف؟‬
‫إلى مادة قابلة للمعالجة داخل نظام مداري (النواقل‬
 ‫إذن واسطة)‪ ،‬بعد ذلك تنتقل مواد المداخل (لغة أو‬                    ‫يحصل ذلك من خلال بنيات وعمليات تسمح‬
   ‫صوت أو ضوء أو‪- )..‬بعد أن تصبح‪ -‬في شكل‬                           ‫بامتلاك المعرفة‪ ،‬التي في الأصل تكون ممكنة‬
  ‫بنيات تنظيماتية إلى الأنظمة المركزية‪ .‬أما القوالب‬           ‫الإدراك‪ ،‬من خلال ما تتيحه من معلومات تقريبية‪.‬‬
                                                             ‫سؤا ُل الذه ِن؛ أي كيف يتحقق الإدراك داخل الذهن؟‬
     ‫فإنها ُتعنى ‪-‬كما يقول فودور‪ -‬بتمثيل العالم‬              ‫وأي نظام يحقق الإدراك ويصل إلى المعرفة؟ وكيف‬
     ‫بطريقة يكون فيها قاب ًل للتلاؤم مع الفكر؛ أي‬                ‫يشتغل الذهن؟ وكيف يستقبل ويرسل؟ وكيف‬
                                                                ‫يرتب ويستنتج؟ كلها أسئلة يتعامل معها الذهن‬
             ‫بطريقة تشتغل بها الأنظمة المركزية‪.‬‬                 ‫بشكل مؤتمت‪ ،‬لأنه يشتغل وفق آليات فيزيائية‪.‬‬
    ‫تكون الأنظمة القالبية إذن مجموعة من الميادين‬                  ‫هذه الأسئلة الثلاثة(‪ )15‬سيتم التعامل معها من‬
  ‫[وكان المنتظم الخيالات كالناظم الذي تكون عنده‬                  ‫منطلق نظرية “التداوليات المعرفية”‪ ،‬وسيبتدئ‬
    ‫أنماط الجواهر مجزأة محفوظة المواضع عنده]‬                     ‫التحليل من المستوى المعرفي‪ ،‬مرو ًرا بالإدراكي‪،‬‬
   ‫(‪ ،)19‬وكل ميدان متخصص في جانب معين‪ ،‬عليه‬
 ‫أن يبحث عما يلائم المعلوم َة المنقول َة الجديد َة المار َة‬                       ‫وصو ًل إلى المستوى الذهني‪.‬‬
  ‫إلى الذهن [فإذا أراد أي حجر شاء على أي مقدار‬                  ‫يتحدد الذهن المعرفي في النظرية “القا َلبية” عند‬
‫شاء عمد إلى الموضع الذي يعلم أنه فيه فأخذه منه‬
 ‫ونظمه](‪ ،)20‬من هذه الأنظمة هناك النظام اللساني‬                                      ‫فودور على الشكل التالي‪:‬‬
   ‫(النحوي‪ ،‬والتركيبي‪ ،‬والفونولوجي‪ ،‬والمعجمي)‬
 ‫[وكانت الأدوات تنقسم إلى العلوم المتعلقة بالألفاظ‬                                    ‫الـذهـن‬
                                                                             ‫(يتكون من الملكات التالية)‬
      ‫والعلوم المتعلقة بالمعاني](‪ ،)21‬والتي تعمل على‬
 ‫“تحسيب التمثلات خطوة خطوة على عدة مراحل‪،‬‬                    ‫القوالب‬         ‫الأنظمة المركزية‬            ‫النواقل‬

      ‫و ُتنتج تحليلات وسيطة للمعطيات التقريبية‪.‬‬              ‫النظام المركزي‬  ‫النظام المركزي‬              ‫النظام المداري‬
 ‫والقوالب اللسانية لها مستويات متشابهة للتحليل‬               ‫غير المتخصص‬       ‫المتخصص‬
‫بالإضافة إلى التمثلات الوسيطة (التركيب‪ ،‬الصوت‪،‬‬
‫المعجم‪ ،)..‬وليس لها إلا منفذ واحد وواعي للمخارج‬                 ‫من خلال هذا التحديد(‪ )16‬يرى صاحب أطروحة‬
 ‫النهائية‪ ،‬هذا المنفذ يتم عبر القالب الإدراكي مرو ًرا‬        ‫القالبية أن الذهن البشري يتكون تحدي ًدا من نوعين‬

                           ‫بالنظام المركزي”(‪.)22‬‬
  ‫الأنظمة القالبية [القوة المائزة](‪ )23‬تشتغل بسرعة‪،‬‬
   19   20   21   22   23   24   25   26   27   28   29