Page 29 - merit 54
P. 29

‫‪27‬‬           ‫إبداع ومبدعون‬

             ‫رؤى نقدية‬

‫ستيفن هاريس‬  ‫بدر توفيق‬                                             ‫محمد عناني‬  ‫يدافع قلبي قائ ًل إنك تسكن‬
                                                                                                    ‫فيه‪،‬‬

                                                                                      ‫وهو مكان مغلق لم‬
                                                                                  ‫تخترقه أب ًدا عين إنسان‪،‬‬
                                                                                ‫لكن العينين المدعى عليهما‬
                                                                                  ‫ترفضان التماس القلب‪،‬‬
                                                                                 ‫تقولان إن محياك الجميل‬

                                                                                             ‫يقيم فيهما‪.‬‬
                                                                                   ‫للفصل في هذه القضيَّة‬

                                                                                      ‫فقد أدرج في جدول‬
                                                                                                ‫المحلَّفين‬

                                                                                   ‫تحقيق عن الأفكار‪ ،‬كل‬
                                                                                   ‫القضاة انحازوا للقلب؛‬
                                                                                 ‫وصدر الحكم بهذا القرار‬
                                                                                ‫للعين حقها وللقلب العزيز‬

                                                                                                 ‫نصيبه‪:‬‬

‫َو َيقو ُل ال ُحك ُم‪َ :‬نصي ُب ُعيوني َمظ َه ُرك البادي ال َفات ْن‬      ‫هكذا‪ :‬صار ح ُّظ عيني شكلك الخارجي‪،‬‬
  ‫أ ّما َح ُّق فؤادي فهو ال ُح ُّب الكا ِمن في قلبي الباط ْن‬       ‫وصار لقلبي الحق في حبك الصادق العميق‪.‬‬

                ‫تعقيب‬                                              ‫ترجمة مح َّمد عناني (‪)2005‬‬

     ‫إذا شئت أن تراجع ترجمة شعر َّية أو تنتقدها‬                                   ‫عيني و ُفؤادي في حر ٍب شعوا ْء‬
  ‫وتقيمها‪ ،‬فالبداية من النص الأصل أو الأول‪ .‬وفي‬                           ‫بقضيَّة َتق ِسيم مغان ِم صور ِتك ال َحسنا ْء‬
  ‫قراءة النص الأصل ينبغي الإحاطة بظروف إنتاج‬                          ‫إذ َتب ِغي َعينِي َح ْظ َر دخو ِل ال ُّصور ِة في قلبي‬
‫القصيدة ومنشئها وموضوعها وغاياتها وسياقاتها‬                        ‫وفؤادي َيب ِغي ِحرما َن ال َعي ِن ِم َن ال َح ِّق المُطل ِق في‬
  ‫الثقافية والاجتماعية التي تلقي بظلالها على لغتها‬
‫وأساليبها وبلاغتها (لا غناء عن السياق‪ ،‬فالمفردات‬                                                   ‫رؤي ِة ُحبِّي‪.‬‬
‫والتعابير لا يكون لها دلالة من غير سياق‪ ،‬وأكثرها‬
 ‫تتغير دلالته من سياق إلى غيره‪ ،‬من ذلك أن صفة‬                      ‫و ُيقيم فؤادي َدعوا ُه على القو ِل بأ َّنك َتس ُكن داخل ُه‬
  ‫‪ gay‬في زمن شكسبير وصفة ‪ queer‬في قصيدة‬                              ‫(في ِحر ٍز لم تنفذ يو ًما فيه أش َّع ُة عي ٍن و َّضاء ْة)‬
‫لروبيرت فروست لا علاقة لهما بالشذوذ أو المثلية‬                               ‫لك َّن المُتَّه َم هنا َيزع ُم أ َّن ال َدعوي َبا ِطل ٌة‬
  ‫الجنسية‪ ،‬فالأولى معناها «سعيد مبتهج» والثانية‬
                                                                   ‫و َيقو ُل بأ َّن َم َظاه َر ُحسنِ ِك َت َتج َّل بأش َّعتِه اللألاء ْة‬
                        ‫معناها «غريب عجيب»)‪.‬‬
   ‫ولا بأس في دراسة هذه الأمور في تطبيق بعض‬                        ‫ولقد ُش ِّكل لل َفص ِل بهذا الأم ِر َفري ٌق ِفكر ٌّي ُمن ِص ْف‬
   ‫الأطر النظرية من قبيل مثلث الموضوع‪ /‬المجال‬                              ‫( ُيشب ُه َهيئ َة ُحك ٍم من اثني َع َشر ُم َحلَّ ْف)‬
                                                                           ‫والك ُّل يقي ُم بهذا القلب حبي ًسا في ُحج َرت ِه‬
         ‫‪( field‬موضوع النص وغرضه وأفكاره)‪،‬‬
   ‫والعلاقات ‪( tenor‬ما في النص من شخصيَّات‪،‬‬                           ‫حتَّى صد َر ال ُحك ُم الفا ِص ُل في الموضو ِع ب ُر ّمتِ ِه‬
                                                                                 ‫إذ ح َّد َد للعي ِن المُبص ِرة نصيبًا في ْك‬
                                                                                       ‫وللقل ِب الغالي َما يمل ُك ُه منك‬
   24   25   26   27   28   29   30   31   32   33   34