Page 25 - merit 54
P. 25

‫‪23‬‬              ‫إبداع ومبدعون‬

                ‫رؤى نقدية‬

‫القول الشعري الجيد‪ ،‬ومتى كانت محكم َة الصنع ِة‪،‬‬                                                   ‫عكس الأنظمة المركزية [القوة الحافظة] التي‬
‫دقيق َة الاشتغا ِل‪ ،‬مع حسن تنظيم القوة المائزة‪،‬‬                                             ‫تحتاج إلى وقت طويل (لأنها المسؤولة عن المعالجة‬
‫اتلقخويلُةها‪،‬لذحاافتأظثةي‪،‬ركباالنغالفيشامعرخا َمطابِئه ًز‪،‬او ِ ُشعدع ُر ِهش‪،‬ع ُره‬
                                                                                   ‫و ُقوة‬     ‫ومراقبة الانسجام‪ ،‬وإدماج الأقوال في المعلومات‬
                                                                                   ‫عمي ًقا‬  ‫التي يختزنها الذهن‪ ،‬واستخلاص النتائج بواسطة‬
                                                                                            ‫الإجراءات والطرق الاستنتاجية)‪ .‬القالب إذن ليس‬
    ‫من نوع الشعر الذي يؤسس له حازم‪.‬‬                                                          ‫معنيًّا بالسياق بمفهومه الواسع‪ ،‬أي السياق الذي‬
                                                                                             ‫له علاقة بمفهوم التأويل؛ لأنه يستطيع أن يعرف‬
‫أخي ًرا؛ لا يتأتى تحصيل القوى الثلاثة (الحافظة‬
  ‫والمائزة والصانعة)‪ ،‬وهي تشتغل بشكل ُي َمك ُن‬                                                   ‫رد فع ِل المستمع مث ًل‪ ،‬أو قو َة القول البلاغية‪،‬‬
   ‫الشاع َر من تأليف قو ٍل شعري مخيل ومؤثر‬                                                      ‫فهي أمور من اختصاص النظام المركزي غير‬

‫(أو كما يرى حازم الشعر) إلا بمهيئات محددة‪،‬‬                                                            ‫المتخصص‪ ،‬كما توضح الخطاطة أعلاه‪.‬‬
                                                                                             ‫يسمح هذا السياق (وهو ينبئ عن تقارب التفكير‬
‫وأدوات مميزة‪ ،‬وبواعث مائزة‪ .‬غير ذلك سيجعل‬                                                   ‫بين حازم وفودور‪ ،‬بعي ًدا عن القول بمسألة تأثير‬

    ‫من ذهن الشاعر غير منتظم‪ ،‬وخياله معتك ًرا‬                                                         ‫الأول في ثقافة الثاني)‪ ،‬باستنتاج ما يلي‪:‬‬
‫أراد َح ْج ًرا‬  ‫“كناظم تكون جواهره مختلطة‪ ،‬فإذا‬                                                ‫‪ -‬يحضر البعد التجريدي في المنهاج من خلال‬
‫لم يقع على‬      ‫على صفة ما‪َ ،‬ت ِع َب في تفتيشه‪ ،‬وربما‬                                        ‫مناقشة حازم للمسائل الذهنية في انتظام المعنى‪.‬‬
‫ال ُب ْغ َي ِة‪ ،‬فنظم في الموضع غير ما يليق به‪ ،‬والمعتكر‬                                      ‫‪ -‬يهتم حازم بالقول الشعري‪ ،‬قبل التلفظ وإبانه‬
‫الخيالات في هذه الحال أجدر بطول السدر لكون‬                                                     ‫وبعده (أي مسألة تأثيره في المخا َطب إيجا ًبا أو‬
                                                                                              ‫سلبًا)‪ ،‬ومن هنا نظرته الكلية في التفكير النقدي‪.‬‬
‫الأشياء التي في الحس أوضح من التي في التصور‪/‬‬                                                    ‫‪ -‬يعتبر حازم القوة الصانعة (المتخيلة) مركز‬
                                                                                            ‫الإبداع‪ ،‬تتدخل لأجل المقارنة بين القطاعات وتربط‬
                               ‫والذهن”(‪.)25‬‬                                                     ‫بين بعض عناصرها‪ ،‬كما تتولى العمل في ضم‬
                                                                                             ‫بعض أجزاء الألفاظ والمعاني والتركيبات النظمية‬
                ‫خلاصة‬                                                                       ‫والمذاهب الأسلوبية إلى بعض والتدرج من بعضها‬
                                                                                               ‫إلى بعض؛ وبالجملة (هي) التي تتولى جميع ما‬
    ‫حاول البحث مناقش َة سؤا َلين مركز َيين‪ :‬كيف‬
  ‫ينتظم المعنى الشعري ذهنيًّا؟ وللإجابة عن ذلك‬                                                             ‫تلتئم به كليات هذه الصناعة”(‪.)24‬‬
‫نظر في القوى الثلاثة وكيف تشتغل؛ من خلال ما‬                                                 ‫‪ -‬يرى حازم أن القوة المتخيلة هي منطلق صناعة‬
  ‫قاله حازم في منهاجه‪ ،‬ومن خلال ما وصل إليه‬
   ‫العل ُم الحدي ُث‪ .‬ثم ما َد ْخ ُل التنشئة الاجتماعية‪،‬‬
 ‫فيما سماه حازم (المهيئات والأدوات والبواعث)‪،‬‬
   ‫في انتظام ذلك المعنى؟ مدخلان يوجد لأحدهما‬
    ‫حضور في‬
  ‫نقدنا الأدبي‬
‫بطرق مختلفة‪،‬‬
‫وغياب للآخر؛‬

     ‫باستثناء‬
   ‫ما ورد عند‬

     ‫السكاكي‬
      ‫وحازم‪.‬‬
 ‫لم يسائل هذا‬
‫البحث القضايا‬
     ‫المطروحة‬
       ‫فيه عن‬
   20   21   22   23   24   25   26   27   28   29   30