Page 37 - merit 54
P. 37

‫‪35‬‬

‫نجيب محفوظ‬  ‫جابرييل جارثيا ماركيز‬                      ‫لم يعد يحبها‪ ،‬ويتمادى في هجرها‪ ،‬ربما لأنه ‪-‬وف ًقا‬
                                                          ‫لخيالها‪ -‬لم ينس عشيقته الأولي‪ ،‬مارسيل‪ .‬ولذا‬
  ‫اسمه‪ ،‬ويواصل مسيرته‪ ،‬ما جعل الزوجة ترضخ‬                 ‫راحت شويكار تحلم‪ ،‬بأن تعيش تجربة جديدة‪.‬‬
     ‫‪-‬على غير رغبتها‪ -‬لزواجه من أخرى‪ ،‬عساها‬                ‫فيتأتى لها ذلك‪ ،‬عندما يتعرف عليها‪ ،‬في حديقة‬
                             ‫تحقق له حلم الولد‪.‬‬            ‫نادي هليوبوليس‪ ،‬حاتم العدوي‪ ،‬وهو شاب في‬
                                                          ‫عمر ابنها عماد‪ .‬وفي “اهتزاز الأرض”‪ ،‬تسترجع‬
‫في هذا الموقف‪ ،‬تحدي ًدا‪ ،‬يقلب البندارى مثلث الحب‪،‬‬        ‫عايدة الكرداني فترة شبابها المنصرم‪ ،‬الذى تأكد‬
 ‫الذى جاء به في السابق‪ ،‬ليجعله متمث ًل في امرأتين‬
                                                       ‫لها انزواؤه‪ ،‬بتقدم عمر زوجها‪ ،‬حازم المهدي‪ ،‬وذلك‬
     ‫ورجل‪ ،‬بل في ثلاثة نساء ورجل‪ .‬حيث يتزوج‬            ‫من خلال تقربها‪ ،‬من الطبيب الشاب هشام النادي‪.‬‬
    ‫قاسم المنياوي أو ًل من دلال البرديسي‪ ،‬ولكنها‬       ‫جدير بالذكر هنا‪ ،‬أن حسن البندارى قد عقد العلاقة‬
     ‫لا تنجب أسا ًسا‪ .‬ثم سري ًعا ما يتخذ من سمية‬         ‫الزوجية‪ ،‬من الناحية الفنية‪ ،‬حيث أوجد في باطنها‬
   ‫القاضي زوجة جديدة‪ ،‬ولكن يظل الموقف معل ًقا‪،‬‬           ‫علاقة متوازية‪ ،‬بين حازم المهدي‪ ،‬الزوج‪ ،‬ومديرة‬
                                                        ‫“فيلا الياسمين” التي يمتلكها‪ ،‬وأعنى بها سميحة‪،‬‬
      ‫رغم توزع قاسم بين ثلاثة بيوت‪ ،‬في التجمع‬           ‫التي يرى فيها صورة من زوجته‪ ،‬لا سيما أنها في‬
    ‫والرحاب والشروق‪ ،‬إلى أن يصل أمر الزوجات‬
 ‫الشابات إلى حد الخيانة‪ .‬حر ٌّي بنا‪ ،‬في هذا السياق‪،‬‬      ‫عمرها تقريبًا‪ ،‬ولكنها تعامله بشكل يشبع رغباته‬
   ‫الإشارة إلى أن تجربة الزوجات الناضجات‪ ،‬على‬            ‫النفسية‪ ،‬ما يخلق المبرر له لإهمال زوجته‪ ،‬عايدة‪،‬‬
‫مستوى الرواية ككل‪ ،‬لم تنزلق بأي منهن إلى هاوية‬          ‫التي لم تعد تهتم لأمره‪ .‬وهذا ما مهد له البندارى‪،‬‬
   ‫الرذيلة‪ .‬فبداية من هناء وذكرى‪ ،‬مرو ًرا بماتيلدا‬       ‫من خلال وجهة نظر الزوجة المحرومة‪ ،‬شويكار‪،‬‬
 ‫وشويكار‪ ،‬وانتها ًء بعايدة ونبيلة‪ ،‬يقدم لنا الروائي‬    ‫التي تظن أن زوجها‪ ،‬شكري‪ ،‬قد بات مشغو ًل بحبه‬
  ‫شخصيات نسائية‪ ،‬تتمنى لو تعشن حياة زوجية‬                 ‫السابق‪ ،‬مارسيل‪ .‬إن كلا من الزوجين التعيسين‬
   ‫طبيعية ومتزنة‪ ،‬إلا أن ك ًّل منهن‪ ،‬تب ًعا لظروفها‪،‬‬   ‫هنا‪ ،‬يعيش حل ًما ووه ًما في ذات الوقت‪ .‬يتمثل الحلم‬
    ‫تعاني توت ًرا نفسيًّا دراميًّا‪ ،‬لا يبلغ حد الصراع‬    ‫في إنشاء علاقة جديدة‪ ،‬جالبة للسعادة‪ ،‬أما الوهم‬
‫الداخلي المأساوي‪ .‬إذ سري ًعا ما تستفيق كل واحدة‪،‬‬
                                                            ‫فيتبدى في الظن‪ ،‬بأن المبرر لعدم التجني‪ ،‬غير‬
                                                              ‫المقصود‪ ،‬على الطرف الآخر‪ ،‬موجود بالفعل‪.‬‬
                                                             ‫غير أن البندارى‪ ،‬يصل بالعلاقة الزوجية‪ ،‬في‬
                                                           ‫الفصل قبل الأخير‪ ،‬إلى أقصى درجات التعقيد‪.‬‬
                                                           ‫ففي “ضبابية القناع”‪ ،‬لم تعد الحاجة النفسية‪،‬‬
                                                         ‫أو السعي نحو التجربة الرومانسية‪ ،‬عائ ًقا يحول‬
                                                           ‫دون اتصال الزوجين‪ .‬بل لم يعد افتقاد العلاقة‬
                                                           ‫الغريزية الحميمة‪ ،‬أم ًرا يشغل بال الزوجات‪ ،‬أو‬
                                                            ‫حتى الأزواج‪ .‬كما لم يعد التقدم في العمر‪ ،‬وما‬
                                                        ‫يصاحبه من تغيرات نفسية وفسيولوجية‪ ،‬يتسبب‬
                                                        ‫في صدامات زوجية‪ .‬فبالإضافة إلى كل ذلك‪ ،‬يطلع‬
                                                           ‫علينا البندارى بحافز جديد‪ ،‬ليفجر التوترات في‬
                                                         ‫حلبة الزواج‪ ،‬ألا وهو الحاجة البيولوجية‪ ،‬المتمثلة‬
                                                         ‫في عملية إنجاب الولد‪ .‬وهذا ما يجعل نبيلة الوقاد‬
                                                        ‫تعيش حياة بائسة في “فيلا الفيروز”‪ ،‬مع زوجها‪،‬‬
                                                          ‫قاسم المنياوي‪ ،‬وبناتها الثلاث‪ .‬فالزوج قد يأس‬
                                                       ‫من عدم إنجاب زوجته للولد‪ ،‬الذى يتمنى أن يحمل‬
   32   33   34   35   36   37   38   39   40   41   42