Page 136 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 136
العـدد 24 134
ديسمبر ٢٠٢٠ موسكو سوف تقلع بعد
ساعتين”.
واقتربت ساعة إركابي أنه حالما وصولهم إلى لندن
طائرة موسكو .كنت في حالة سيقصدون سفارتنا هناك أرقص في الكرملين ،ح ًّقا؟!
استنفار قصوى ،ورغم ذلك بشكل غفير ويوضحون لهم شعرت برأسي فارغة تما ًما..
أن طبيعتي المتفردة وسلوكي
عزمت على إعلام صديقتي المستقل لا علاقة لهما البتة إنها الضربة القاضية؛
كلارا بالأمر ،وبحثت عمن بأي توجه سياسي؛ وأنني كان لا بد منها بعد ثلاث
يودعها باسمي ،قد لن تتاح مجرد فنان يحتاج إلى الحرية
لي فرصة رؤيتها بعد الآن لتجويد موهبته وأنه لا بد سنوات من الدسائس
من فهم شخصيته وفق هذا والمؤامرات المحبوكة وبدون
إطلا ًقا. السياق وعليهم أن يتركوني توقف بشكل محكم ضدي؛
من المفترض أن عوني الأمن
الروسيين المكلفين بمرافقتنا في سلام. كنت أنتظر هذه الضربة
“تأكد أنهم سيتفهمون؛ القاصمة ،غير أني أدركت
خلال هذه الرحلة هما من وسيأتون بك إلى لندن .اذهب ما الذي سوف يحدث وأين
سيعيدانني إلى موسكو، إلى موسكو .لا تقم بأي ستأخذني ق َدماي وأعرف
حماقة ،وإلا فإنك لن تخرج جي ًدا تبعات قرار عودتي إلى
لمحتهما بصدد الحادث مع موسكو؛ فلا أسفار بعد الآن
سرغييف قبالة مركز حرس منها سالمًا». إلى الخارج ولقب الراقص
الحدود .فجأة؛ لمحت أحدهما غير أني كنت على يقين أنه النجم الذي من المفترض أن
وحتى لو رفعت كل فرقة أظفر به بعد عامين سوف
يندفع في اتجاه المدخل كيروف صوتها واحتجت يكون محل إعادة نظر جدية؛
الرئيسي للمطار ،يقف عنده لصالحي ،فلن يكون ذلك وعليَّ وقتها الرضا بأن أظل
كحاجز؛ أدركت سبب حركته سوى صراخ في صحراء. نكرة مجهو ًل تما ًما .وهذا ما
فكرت «إنها النهاية» ،جذبني لن يحدث إطلا ًقا ولو أدى
تلك. أحد الأصدقاء الذين سبق
منذ البداية أدركت أنه الأمر إلى انتحاري.
باستثنائي أنا خلال هذا وعبرت له عن رغبتي في عبرت لسرغييف عن قبولي
الموسم الباريسي لم يكن البقاء فترة أطول بأوروبا بالقرار واستأذنت منه أن
هناك راقص واحد في فرقة ونصحني أن أبقي هاد ًئا،
محل مراقبة أو شكوك؛ أعود إلى موسكو مؤك ًدا لي أودع الراقصين أعضاء
هذا العون هو نفسه كان أني قريبًا سأعود للرقص في الفرقة ،أعلمتهم أنهم
يرصد أدق تحركاتي ،فحيثما كيروف كما لو أن شيئًا لم
توجهت الفيته في طريقي يكن؛ غير أنه رغم الكلمات يعيدونني قس ًرا الي موسكو.
ودونما أدنى شك هو يدرك المطمئنة من الجميع كانت تفاجؤوا ج ًّدا بالأمر ،إذ
تعابير وجوههم تترجم ذع ًرا
جي ًدا إنها آخر مرة. شدي ًدا؛ أحد الاصدقاء أخذ يعرف كل واحد منهم تبعات
أثناء ذلك؛ وكأن لا شيء يحوم في المكان قل ًقا مضطر ًبا، هذا القرار .أغلب الراقصات
ظل الشرطي الآخر يواصل أحد الراقصين الفرنسيين بمن فيهن اللواتي يعاملنني
حديثه مع سرغييف؛ لكم نال وقف مدهو ًشا كمن وقع في
مني الإحساس بسخافة تلك كمين .لا أحد تحرك؛ لا أحد بعداوة شرعن في البكاء.
اللحظة وقتها وأنني وقعت رفع إصب ًعا ليساعدني .بدأت أعرف أن الفنانين دون بقية
في فخ .انزلقت خلف إحدى الدقائق تمر ،والوقت يتسارع
الركائز وأقعيت كحيوان الناس شديدو الحساسية؛
مطارد؛ وبينا أنا هكذا بائس، لقد مسني بشدة تفاعلهم
مخزي ،لمحت كلارا تأتي في العاطفي الدافئ .ترجونني
اتجاهي .قطعت المسافة على أن أعود إلى موسكو دون
إثارة مشاكل ووعدوني