Page 137 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 137

‫حول العالم ‪1 3 5‬‬

              ‫شريفين ج ًّدا‪.‬‬       ‫البار مجد ًدا ‪-‬كان اسمه‬          ‫سيارتها في أقل من خمس‬
 ‫أوضحا لي أنه من المفروض‬      ‫وياللصدفة البار المجنح‪ -‬وقد‬            ‫وعشرين دقيقة بين كاي‬
 ‫أن املأ استمارة طلب لجوء؛‬
 ‫لكن قبل ذلك ووفق ما يمليه‬      ‫لمحت كلارا هناك والتحقت‬                  ‫دورساي وبورجيه‪.‬‬
  ‫القانون يجب أن أن أقضي‬        ‫بها‪ .‬اقترحت عليَّ أن نتناول‬            ‫هتفت فيها أني اتخذت‬
‫خمس دقائق وحدي في غرفة‬         ‫في هدوء آخر قدح شاي قبل‬           ‫قراري؛ كانت تنتظر أن تسمع‬
  ‫دون أية ضغوطات من أية‬        ‫مغادرة المطار؛ وبينما أحدق‬            ‫مني قراري الأخير لتعلم‬
  ‫جهة كانت لأفكر في القرار‬      ‫في عينيها ألمحت لي بعينيها‬        ‫مفتش ْين من الأمن الفرنسي‬
                              ‫أن أنتبه للمفتش ْين الفرنسي ْين‬    ‫المتواجدين وقتها هناك قائلة‪:‬‬
              ‫الذي اتخذته‪.‬‬                                           ‫“هناك في الأسفل راقص‬
    ‫أعلماني أن لهذي الغرفة‬       ‫هناك بعي ًدا عنا‪ .‬بدا لي كل‬      ‫روسي يريد البقاء بفرنسا»‪.‬‬
 ‫بابين؛ فإذا قررت العودة إلى‬   ‫شيء ملتب ًسا‪ .‬تملكتني رغبة‬           ‫رد عليها أحدهما ‪-‬وهو ما‬
‫روسيا يفتح أحد البابين على‬                                         ‫سوف أعرفه فيما بعد‪ -‬أنه‬
  ‫الردهة التي تؤدي إلى قاعة‬        ‫واحدة وهي‪ :‬أن أركض‪.‬‬              ‫ليس من مهامهما اختطافي‬
‫إركاب التيبولاف‪ .‬وإذا قررت‬         ‫غير أنه وفي تلك اللحظة‬               ‫لكن في المقابل أنه من‬
   ‫البقاء في فرنسا فإن الباب‬       ‫التي بدت لي ده ًرا كام ًل‬     ‫واجبهما مساعدتي وحمايتي‬
    ‫الآخر يفتح على مكتبهما‪.‬‬    ‫تكلست عضلاتي وأحسست‬                   ‫شرط أن أكون واعيًا ج ًّدا‬
    ‫وهما يصحبانني إلى تلك‬         ‫بها كما لو أنها رصاص‪.‬‬          ‫بتبعات قراري الذي يجب أن‬
                                ‫فكرت أنه لن يعود بإمكاني‬         ‫أكون قد اتخذته ملء إرادتي‪.‬‬
       ‫الغرفة اندفع ميخائيل‬      ‫الرقص مجد ًدا‪ .‬ورغم ذلك‬           ‫كان سرغييف أثناء كل هذا‬
 ‫كليمينوف سكرتير السفارة‬         ‫فعلتها‪ .‬قمت من موضعي‬                ‫يحلق في اتجاه لندن وقد‬
  ‫السوفييتي يحاول الدخول‬      ‫وقفزت القفزة الأطول‪ ،‬الأعلى‬           ‫تركني وحدي في مواجهة‬
‫معي إلى نفس الغرفة صائ ًحا‪:‬‬                                         ‫الشرطيين الروسيين؛ وقد‬
 ‫“نوريياف مواطن سوفياتي‬               ‫والأدهش في حياتي‪.‬‬          ‫اندفع أحدهما للبحث عني في‬
                                  ‫ووجدتني أحط بين يدي‬              ‫المكان بعد أن تابع تطورات‬
     ‫وعليكما أن تسلماه لي»‪.‬‬     ‫المفتش ْين الفرنسي ْين؛ لاهثًا؛‬   ‫الأمور وتدخل كلارا؛ وحين‬
                                   ‫متقطع الأنفاس؛ وبالكاد‬
                                                                          ‫لمحني مختبئًا خلف‬
                                                 ‫غمغمت‪:‬‬                 ‫إحدى الركائز‪ ،‬حاول‬
                                ‫“أريد أن أبقى هنا؛ أريد أن‬            ‫أن يطعنني ويجرني إلى‬
                                                                     ‫تلك الغرفة حيث يستريح‬
                                               ‫أبقى هنا»‪.‬‬        ‫الطيارين الروس قبل الإقلاع‬
                                ‫ها أنا ذا الآن في حمايتهما؛‬         ‫بالتيبولاف‪ .‬لم أكن أعرف‬
                                                                    ‫ما الذي كان سوف يحدث‬
                                  ‫غير أنني مازلت مذعو ًرا‪.‬‬        ‫لي‪ ،‬لو نجح في ج ِّري إلى تلك‬
                                 ‫لقد تعودت دائ ًما أن أكون‬          ‫الغرفة‪ .‬استطعت مراوغته‬
                                 ‫حذ ًرا؛ فالحكومة الفرنسية‬          ‫والإفلات من قبضته‪ .‬كان‬
                              ‫وبعد أن تنجز لصالحها حملة‬          ‫المكان في ذلك الوقت مزدح ًما‬
                                ‫إعلامية كبرى على حسابي؛‬               ‫بالغادين والرائحين وقد‬
                                  ‫لن تجهد نفسها لحمايتي‬              ‫خشي الفضيحة‪ .‬اغتنمت‬
                                 ‫وسوف تسلمني للسلطات‬                   ‫تلك الفرصة للعودة إلى‬

                                      ‫الفرنسية‪ .‬مقابل هذا‬
                               ‫اكتشفت أن هذين المفتش ْين‪،‬‬

                                   ‫وأقصد من خلالهما كل‬
                                  ‫اعوان الشرطة الفرنسية؛‬
                                ‫كانا مهذب ْين معي؛ لطيفين؛‬
   132   133   134   135   136   137   138   139   140   141   142