Page 142 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 142
العـدد 24 140
ديسمبر ٢٠٢٠ عمرهما الثمانين ..مؤمنين
راسخين؛ امتلأ ركنهما
روزا كما لو كنت عبئًا كبي ًرا وليس صلوات .فالبلاد كلها الضيق بالأيقونات حيث
عليها ،كنت دائ ًما لصي ًقا بها؛ لم تكن في النهاية سوى ذئب
لصي ًقا بها كورقة السندر كما انتصب مصباح زيتي دائم
يقولون هنا في روسيا ،تلك سغب. الإنارة تحت العذراء.
الشجره التي تصلح أغصانها من الذكريات الأخرى لتلك
السنوات الأولى من عمري كل صباح ،عند الفجر يقترب
لتهييج الدم إثر حمام ولا تزال حيّة في ذهني؛ تلك مني الرجل أو المرأة يحركني
بخاري ،وأحيا ًنا تلتصق الكتل الضخمة من الثلج علي
أوراقها بالجلد فيصعب بعد بلطف إلى أن أستيقظ .لقد
حوا ِّف الشارع الرئيسي ذهب في اعتقادهما أنهما
ذلك التخلص منها. بالقرية ،لم يكن ث َّمة أحد سيغرسان في داخلي شعو ًرا
ُيمكن أن أجعل من البطاطا مهت ًّما بإزاحة أكوام الثلج بالإيمان بسلوكهما ذلك معي؛
رمز هذه الفترة المعتمة من المتراكمة عليها خلال طيلة إذ يدعوانني أن أجثو في
الشتاء .كانت هذه الكتل ركنهما بنظرة غائمة ،نصف
حياتي .لقد كانت الغذاء الثلجية تبدو لي عبر عيني نائم تحت الشعلة الصفراء
الوحيد الذي يمكن الظفر به. الطفل الذي كنته جبا ًل قذرة المضطربة؛ حيث يتوجب أن
يبدأ اليوم كما أشرت أعلاه تخنق مسل ًكا ضيِّ ًقا ُمخي ًفا. أصلي وذلك بتلاوة بعض
لهذا السبب ،انطبعت في ذهني الكلمات الغامضة أغمغم
بهذا الإفطار الغريب الذي صور طفولتي الأولى كعالم بها وهو ما يوقظ أمي وقد
يمنحانني إ ّياه الزوجان جليدي معتم ُتخيِّم عليه ه ّزها الغيظ ،فعائلتنا لم تكن
العجوزان المؤمنان وفي تعتقد في الله .رغم ذلك يتكرر
المجاعة. نفس الأمر على تلك الشاكلة
اعتقادهما أنهما بهذا السلوك كانت القرية الصغيرة ج ًّدا كل فجر .غير أني -وهو ما
يعبِّدان لي الطريق نحو الله وكل ما له علاقة بها على يدعو للغرابة -لم اشتك من
بجبن الماعز والبطاطا .أكلة ملك المجموعة ،هنا أي ًضا ،لم ذلك يو ًما .بل كنت قد رجوت
المساء كانت غريبة أي ًضا. يكن بإمكاني استيعاب ذلك أمي أن تدعني أستمر في
الواقع ،كل ما سيحدث لي في تلاوة تلك الكلمات الغامضة.
مازلت صغي ًرا غ ًّضا ولم يكن روسيا كان قد تق َّرر :سوف سبب بسيط كان وراء هذا
بإمكاني السهر لوقت متأ ِّخر. أكبر في عالم ستكون فيه التجاوب مع العجوزين:
قبل وقت العشاء أو ”-ساعة حياتنا معلَّقة بتجميع الموارد إذ أني أتل ّقي مكافأة لذلك؛
لحساب المجموعة؛ ولن يكون فحالما تنتهي هذه الصلوات
البطاطا” في سياق مزحة الغريبة تق ّدم لي العجوز
ثقيلة -كنت أغفو .كانت لي أي ح ٍّظ إذا لم أجد أي بعض البطاطا الليّنة أو قطعة
الشعلة تحت الموقد الصغير دعم من هذه المجموعة .لهذا جبن ماعز .دروب الله مغلقة
للمخيم ضعيفة ج ًّدا إلي درجة السبب كان يستبد بي منذ أو هكذا يرددون .من السهل
إ ّنه لا بد من وقت طويل البداية ميل إلى العزلة؛ لذلك ج ًّدا إدراك دواعي توجهي
ج ًّدا ليبدأ الماء في الغليان، نحوه .حينها؛ كانت البطون
ويتوجب انتظار وقت آخر كنت دائما ألهو وحدي في أغلب الوقت خاوية ،ولم يكن
أطول لتنضج البطاطا ،وكان هذا الشارع الوحيد بالقرية يعنيني سوي تلك الحبات من
على أمي الصبورة أن ُتطعم دون أن أعقد أ َّي صداقة مع البطاطا تساوي وزنها ذهبًا
صغيرها النائم بشكل سيئ أي كان أو أشارك في لعبة
بالملعقة. جماعية.
طب ًعا؛ ولأنه ليس لي أي الشخص الوحيد الذي كنت
ذكرى أني تعشيت البارحة أراه قريبًا مني في بيتنا هو
ما إن استفيق صبا ًحا اشتكي
من الجوع .أتذكر أني كنت