Page 22 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 22
العـدد 24 20
ديسمبر ٢٠٢٠
د.جاسم محمد جسام
(العراق)
قصيدة النثر ما بعد التأسيس الجمالي..
محاولة جريئة باتجاه وعي الشعر
يمكننا أن نزعم بأن التغيير الذي يطرأ على أنظمة اللغة وطبيعتها يجر
إلى تغير في الصورة الشعرية ذاتها ،وتغير في خصائصها وعلاقاتها،
فمن يتتبع الشعر المعاصر بالمعنى الزمني أو الفني ،يجد أن هذة القصائد
تخضع لمفهوم لغوي جديد يدور حول رفض القواعد والاشتراطات النحوية
وإهمال الارتباطات المنطقية بين المفردات ،ونسق البنية التركيبية للجملة،
أي إلغاء المعنى الإدراكي والغاء ما يسمى بنظرية المعنى المحدود أو
الواحد من خلال السعي وراء المضمر
وبهذا لا يمكن بأي حال من الأحوال كتابة تشكل قصيدة النثر على امتداد ظهورها
مقدمة للشعر الجديد دون طرح فكرة بالغة
الدقة وهي التمييز بين الشعر والكلام ،ذلك قمة الحدث على المسرح الأدبي ،فعلى مستوى
لأن عدم التمييز بينهما يشكل هاوية تسقط الأجناس الأدبية ترفض هذة القصيدة ما
فيها الشعرية الجديدة تحت إغراء السهولة
يسمى بالجنس الأدبي ولا تعترف به ،لأنه
في الكتابة ،وهذا ما يسبب التشويش على محدود ضمن شكل أو إطار ،فهي رؤيا تخرج
الشعر ،إذ تبقى قصيدة النثر تجاو ًزا عمي ًقا عن نمط أو شكل نموذجي معروف إلى شكل
وجريئًا ،وبالتالي فإن هذا التجاوز وما يثيره
من مشكلات جمالية وثقافية يقترب بالقصيدة غير محدد ،أما على مستوى العلم والأشياء
ترى أن الحداثة ليست إشكالية شكل بل
النثرية من بؤرة صراع شعري حاد له
أيديولوجيته المباشرة وقانونة الخاص ،بمعنى إشكالية رؤيا تتصل إلى حد بعيد بالمحتوى
آخر أن قصيدة النثر لا ترتبط بمجرد العصيان المعرفي والنفسي للتجربة الفنية ،كونها من
جانب هي تغيير لنظام الأشياء وقفز خارج
على الشكل الشعري التقليدي فحسب ،إنما
تمتد لترتبط بالعصيان على أبعاد التراث حدودها ،ومن جانب آخر بصرية داخلية
تطمح إلى اكتشاف المجهول ،فقصيدة النثر
والهوية ،حيث إن كل شيء قد تطور أو تغير رؤيا ونظرة جديدة إلى الحياة وموقف منها
ومن العالم.