Page 26 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 26
العـدد 24 24
ديسمبر ٢٠٢٠
نظا ًما لغو ًّيا معق ًدا بعض الشيء يطرح الكثير ورأسي يذهب إلى تعميق هذه الجمل عبر
من التساؤلات بالنسبة للمتلقي ،وهي كيف تكوين لغة شعرية متسعة ومختلفة عن المعهود
تبدأ الجملة الدالة وكيف تنتهي ،وما العلاقة
الشعري.
التركيبية بين المفردات والصيغ ،وأين المكونات وهذه النصوص في أغلبها تخضع للنظام
الظاهرة أو المضمرة القابلة للتشكل في النص، اللغوي المنكسر ،والذي ُيعد مرحلة متطورة في
فن الشاعر ،كونه يؤسس النظام اللغوي للنص
وكيف تتشكل؟ إنها جمي ًعا يمكن أن تسير على معنى المعنى ،أي على المستتر والمضمر،
في أكثر من اتجاه وتحمل العديد من المفاتيح وبهذا لا يمكن أن ندركة بمجرد قراءتنا له،
وبالتالي تخلق ارتباطات من وراء ذلك تعود إذ لا بد من تفكيكه وإعادة إنتاجة والوقوف
إلى السياق والانزياحات متعددة الخطوات عند معجم الشاعر الخاص واستعمالة
والدرجات بين الدال والمدلول ،وهذا ما يفرض للمفردات ،وعند شبكة العلاقات التي ينسجها
تعددية القراءة مثلما يفرض في النهاية تعددية السياق النصي ككل ،فربما تكون ثمة قراءات
الاحتمالات الناتجة عن هذة القراءات ،فنجد أن
نصو ًصا يمكن تفسيرها وأخرى يمكن تأويلها وتأويلات عديدة ،وهذه في حد ذاتها ميزة
النص الذي يوصف بالشعرية ،والمهم في ذلك
وبعضها يقف عند حدود الحدس. كله أن هذا النظام اللغوي في انزياحات دلالاته
ولعل الراوبط الوثيقة بين الصور الشعرية
واللغة يمكننا أن نزعم بأن التغيير الذي يطرأ وصوره لا يسلم لك نفسه بيسر وسهولة،
على أنظمة اللغة وطبيعتها يجر إلى تغير في فأنت تحتاج إلى أكثر من قراءة ،وتحتاج إلى
الصورة الشعرية ذاتها ،وتغير في خصائصها
وعلاقاتها ،فمن يتتبع الشعر المعاصر بالمعنى قطع الخط المستقيم المباشر الذي يوسمه
الزمني أو الفني ،يجد أن هذة القصائد تخضع الكلام العادي والمعنى المعجمي للمفردات،
لمفهوم لغوي جديد يدور حول رفض القواعد وتحتاج إلى تعديل الإشارات والمفهومات
والاشتراطات النحوية وإهمال الارتباطات المتعارفة والمتداولة والمشتركة بين الأفراد
المنطقية بين المفردات ،ونسق البنية التركيبية وإلى خلق علائق متغايرة مع النص توازي
للجملة ،أي إلغاء المعنى الإدراكي والغاء ما العلائق والارتباطات التي صارت تنشأ بين
يسمى بنظرية المعنى المحدود أو الواحد من مفردات النص وألفاظه وتراكيبه ،إنها اللغة
خلال السعي وراء المضمر ،بحيث يتحول الجديدة لغة الاكتشاف داخل اللغة القديمة،
النص إلى حزمة من الاحتمالات والتأويلات، أضف إلى ذلك أن هناك نظام لغوي آخر بدأ
وبهذه التحولات والتبدلات في الانساق اللغوية يظهر في النصوص الشعرية الآن هو النظام
يمكن ان نرى مستقب ًل أنظمة لغوية جديدة اللغوي الدائري ،وهنا نجد أنفسنا إزاء تطوير
تمنح اللغة الشعرية مزي ًدا من التدفق والتفاعل في النوع وليس في الدرجة فحسب ،وهذا
التطوير ليس سمة غالبة على النص الشعري
والتأويل المعاصر ،بل نجده عند البعض منها ،كونه
المصادر:
-1سامي سويدان ،في النص الشعري العربي ،دار الآداب ،بيروت1989 ،م ،ص.54
-2صالح هويدي ،لعبة النص– مقاربات نقدية في الشعر والسرد ،دائرة الثقافة والإعلام ،الشارقة2007 ،م،
ص.141
-3عز الدين إسماعيل ،الشعر العربي المعاصر ،دار العودة ،بيروت2007 ،م ،ص.42