Page 23 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 23

‫‪21‬‬                 ‫إبداع ومبدعون‬

                   ‫رؤى نقدية‬

                                                          ‫تحت تأثير الفكر الغربي‪،‬‬
                                                            ‫الرؤية والمفهوم والبناء‬
                                                                         ‫والوسيلة‪.‬‬

                                                          ‫القراءة المقترحة‬

                                                          ‫بعد كل هذه الفترة الزمنية‬

                                                          ‫الطويلة على ظهور قصيدة‬

                                                          ‫النثر عربيًّا كقصيدة مكتملة‪،‬‬
                                                          ‫باتت هذه القصيدة تطرح‬
                                                          ‫اسئلتها باعتبارها شك ًل‬

                                                          ‫لا مفر منه لتجربة الشاعر‬

                                                          ‫العربي الحديث‪ ،‬خاصة في‬

                                                          ‫مرحلتي الحداثة وما بعدها‬

                                                          ‫اللتين صحبتهما تحولات‬

                                                          ‫تاريخية وحضارية كبيرة‪،‬‬

‫جبرا إبراهيم جبرا‬  ‫أنسى الحاج‬                     ‫أدونيس‬  ‫إذ لم تكن قصيدة النثر‬

                                                          ‫بمنأى عن هذه التحولات‪،‬‬

      ‫الشعرية والبناء الشكلي والحقول الدلالية‬         ‫بل بدأت في اختيار مقولاتها والتخلص من‬
                              ‫والمعنى الشعري‪.‬‬     ‫العبء الكوني الذي دعا اليه مؤسسو القصيدة‬

  ‫وبما لا يقبل الشك يظل محور اللغة الشعرية‬            ‫النثرية من خلال الانحياز إلى ما هو مرئي‬
  ‫هو المحور الأهم في هذا التجريب المستمر‪ ،‬إذ‬       ‫ومحسوس‪ ،‬والذي يعد الخطوة الأولى صوب‬

     ‫تحولت اللغة الشعرية في قصيدة النثر من‬             ‫الآليات التي انطلقت منها‪ ،‬ثم بدأ بعد ذلك‬
‫مجالها الملحمي والأسطوري إلى جانب الاحتفاء‬        ‫الالتفات إلى ما هو ذاتي يتكاثر‪ ،‬حيث دفع ذلك‬

     ‫بالبيئة المحلية‪ ،‬الذي شكلته قصائد الرواد‬       ‫الشعراء إلى البحث عن الدلالات الذاتية‪ ،‬وإلى‬
   ‫(أنسي الحاج‪ ،‬جبرا إبراهيم جبرا‪ ،‬أدونيس)‬            ‫الرفض والسخرية والمفارقة‪ ،‬كما جدد من‬

    ‫إلى البحث عن مستويات أخرى من التعبير‬            ‫تمسكهم بالأشكال الجديدة للتعبير الشعري‬
 ‫اللغوي‪ ،‬لعل أهمها ما يتعلق بالجانب الفلسفي‬         ‫بدي ًل عن الأشكال الموروثة لكون الشاعر قد‬
                                                    ‫فقد اليقين بأي نظام أو قالب يحد من آفاقة‬
  ‫للغة وما تنتجة هذه اللغة من طاقات إيحائية‬
      ‫هائلة‪ ،‬ذلك لأن علاقات الكلمات وأبعادها‬                                          ‫وتطلعاته‪.‬‬
                                                   ‫ولعل السؤال الذي يطرح نفسه بقوة في هذة‬
‫المجازية تتأتى بشكل تبئيري وبطاقة مشحونة‬          ‫المرحلة‪ :‬ما هي أبرز الأسس الجمالية للقصيدة‬
   ‫بهذا التعدد‪ ،‬نستطيع أن نقول إن الحرف لا‬
  ‫الكلمة فحسب له دلالته القوية‪ ،‬لان «قصيدة‬                                              ‫النثرية؟‬
   ‫النثر لا تتحدث عن مجرد معنى موضوعي‪،‬‬             ‫إن قراءة الخواص المنبثقة عن المدونة النصية‬
     ‫ولا تهدف بالضرورة إلى أن تكون وسي ًطا‬
                                                     ‫لهذة القصيدة ستعطينا قد ًرا كبي ًرا من هذه‬
 ‫جماليًّا لنقل الرسالة إلى المتلقي‪ ،‬ولا تصبو إلى‬         ‫الأسس‪ ،‬لقد اتسمت في مراحل العقدين‬
‫تحقيق نوع من أدلجة الخطاب أو شعاريته»(‪.)1‬‬               ‫السبعيني والثمانيني بالتجريب الكثيف‪،‬‬
 ‫إنها تصبو إلى لمس ما هو جواني‪ ،‬وإلى تخليق‬
  ‫الباطن ومحو الظاهر‪ ،‬هذا الباطن هو مجموع‬              ‫إذ ارتهن هذا التجريب بجملة من القضايا‬
                                                   ‫الجمالية المكونة لنسق القصيدة‪ ،‬فشمل اللغة‬
   18   19   20   21   22   23   24   25   26   27   28