Page 229 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 229

‫‪227‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫كتب‬

     ‫د‪.‬سمير الخليل‬                    ‫الكتب الجنسية‬
                                      ‫التراثية وثقافة‬
               ‫(العراق)‬               ‫الوهم‬

  ‫بأ ّن الوهم ثقافة لتضييع الحقيقة‬    ‫على كتاب ابن قيم الجوزية «روضة‬          ‫في كتابه «ثقافة الوهم» يطرح عبد‬
   ‫وطمسها ذلك ما أشار إليه كتابه‬        ‫العاشقين ونزهة المشتاقين» الذي‬
                                       ‫يراه متعدد الأخذ من المصادر عند‬         ‫الله الغذامي أفكاره المتعلقة بالمرأة‪،‬‬
      ‫«ثقافة الوهم» الذي ينتقد فيه‬      ‫تحديد نوع العلاقة بالمرأة‪ ،‬ويبدو‬      ‫إذ ينطلق من طروحات التفكيك وما‬
‫السلطة الذكورية القامعة لكل ما هو‬        ‫أنه يلجأ إلى الانتقائية عند ذكره‬
‫مؤنث‪ ،‬هو ممارسة الثقافة الذكورية‬        ‫للحكايات المختلفة وينتهج التأويل‬          ‫بعد الكولنيالية والنقد النسوي‪،‬‬
                                          ‫في استخراج أحكام تتطابق مع‬               ‫فيؤسس لمقاربته حول الثقافة‬
   ‫بصفتها العالمية‪ ،‬القمع والانتهاك‬     ‫رؤيته وتنظيره‪ ،‬والحق أن طريقة‬           ‫التي تقصي المرأة وتهمش دورها‬
  ‫المنظم لجسد المرأة وتصويره على‬                                                   ‫في الحياة الاجتماعية بوصفها‬
                                      ‫الغذامي في ل ّي أعناق نماذجه النّصية‬        ‫جس ًدا يلتذ به الرجل‪ ،‬ويبدو أ ّن‬
    ‫أ ّنه مادة لشهوة الرجل وموطن‬      ‫من أجل تكريسها للنتائج التي يروم‬          ‫الغذامي يكمل ما طرحه في كتابه‬
       ‫لتمتعه‪ ،‬فض ًل عن تصويره‬                                                   ‫الأول (المرأة واللغة) إذ يعمد إلى‬
                                          ‫الوصول إليها تحتاج إلى وقفة‪.‬‬         ‫الإفادة من الحكايات الشعبية التي‬
  ‫للمرأة على أنها تابع للرجل‪ ،‬وهي‬          ‫ولع ّل في تنظيراته وتخريجاته‬          ‫تصور المرأة إ ّما من الكائدات أو‬
     ‫على تبعيتها لا تقدر على القيام‬      ‫لقضية التأنيث والتذكير في اللغة‬           ‫صاحبات الجسد الجميل الذي‬
                                          ‫ما يثير الاهتمام ويرفع الحيف‬           ‫لا يحمل عق ًل أو فك ًرا ولا تمتلك‬
   ‫بممارسات عقلية وذهنية‪ ،‬فالمرأة‬       ‫عن المرأة ووجودها الحياتي‪ ،‬وإ ّن‬          ‫صو ًتا‪ ،‬فهو يستبطن الحكايات‬
‫وفق هذه الثقافة لا تتجاوز رغباتها‬      ‫المسعى الذي ق ّدمه يضعه في العمل‬
                                          ‫على التساوق مع منطلقات النقد‬               ‫ويتفحص مكوناتها الثقافية‬
      ‫الشهوية وهي على ح ّد تعبير‬         ‫النسوي من حيث إعادة الاعتبار‬              ‫للوصول إلى حقيقة المرأة على‬
    ‫الغذامي جسد بلا رأس كتمثال‬        ‫للهامش والوصول إلى إنسانية المرأة‬       ‫صعيد الثقافة عربيًّا وعالميًّا‪ ،‬ويضع‬
 ‫فينوس‪ ،‬بل بلا يدين لإلغاء أدوات‬        ‫التي لا تختلف عن رديفها الرجل‬          ‫كتاب (النفزاوي) «الروض العاطر‬
                                                                                 ‫ونزهة الخاطر» في مجال تحليله‬
            ‫العمل الإنساني لديها‪.‬‬                     ‫عق ًل وفك ًرا ولغ َة‪.‬‬     ‫في ضوء النقد الثقافي وينتهي إلى‬
  ‫الغذامي في كتابه يبحث عن نسق‬            ‫تعرو عملية تحديد ثقافة الوهم‬        ‫ظاهره ثقافية نسقية تبعد المرأة عن‬
‫مضمر داخل الخطابات والنصوص‬               ‫عملية سابقة تتعلق بالكشف عن‬           ‫العقل واللغة‪ ،‬فض ًل عن حكمه على‬
   ‫والحكايات الشعبية التي جاهرت‬         ‫الحقيقة وتثير التساؤل الآتي‪ :‬هل‬        ‫مؤلف الكتاب بأحادية المصادر في‬
   ‫بتهميش المرأة واستصغارها‪ ،‬أو‬        ‫ي ّدعي النقد الثقافي أ ّنه يقدم حقائق‬  ‫تعريفه للحب وسبره لأغوار الجسد‬
  ‫التي كانت مادة لمدح المرأة الممتعة‬     ‫مقابل الأوهام؟ سيكون الجواب‬              ‫ومثيراته ولذائذه‪ ،‬غير أنه يثني‬
    ‫جنسيًّا بعد أن ص ّورت على أنها‬
   ‫تحافظ على الميراث الرمزي الذي‬
   ‫يهين المرأة‪ ،‬ويحرص على ابقائها‬
    ‫ضمن المنظومة التي خلفتها على‬
   224   225   226   227   228   229   230   231   232   233   234