Page 233 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 233
231 ثقافات وفنون
كتب
يمنعه .أستغيث فى خيالى .وحش! كان شظف العيش والمعاناة أقل ُتر ِجمت إلى الفرنسية وتوالت
مجنون! امنعوه! يلوى اللعين عنقه حدة« :فى طنجة لم أر الخبز الكثير ترجماتها حتى وصل عدد
بعنف .أخى يتلوى .الدم يتدفق الذى وعدتنى به أمى .الجوع اللغات التى ُترجمت إليها إلى
من فمه .أهرب خارج البيت تار ًكا أي ًضا فى هذه الجنة .لكنه لم يكن تسع وثلاثين لغة .الرواية
إياه يسكت أمى باللكم والرفس.
اختفيت منتظ ًرا نهاية المعركة .لا جو ًعا قات ًل»(.)3 عبارة عن سيرة ذاتية اعترافية
تلقى الرواية الضوء على والد فى سنى حداثته .عندما ُنشرت
أحد يمر ..مصابيح الله شاهدة شكرى ووالدته والوسط ال ُأ َسرى كانت صادمة لكثير من القراء
على جريمة أبى»(.)4 الذى نشأ فيه .هذا الوسط لا يمثله فى الوطن العربى بسبب جرأتها
فحسب وإنما يمثل شريحة كبيرة الشديدة ولغتها الصريحة التى
يتضح مقت شكرى لوالده من المغاربة الذين كانوا يرزحون
وكراهيته الشديدة له فى مواطن تحت وطأة الاستعمار ،ويتمرغون تصل إلى الإباحية فى بعض
شتى بالرواية« :صرت أفكر :إذا فى الفقر والجهل والمرض .فالأم المواضع ،وبسبب اجتراء الكاتب
كان من تمنيت له أن يموت قبل مضطهدة منكسرة لا حول لها واقتحامه للتابوهات أو المحظورات
الأوان فهو أبى .أكره أي ًضا الناس ولا َط ْول ،والآب شخص فى
الذين يشبهون أبى .فى الخيال منتهى القسوة ،يضرب زوجته الاجتماعية المتعلقة بالجنس
لا أذكر كم مرة قتلته! لم يبق لى وأطفاله ولا يتوانى عن شتمهم والألفاظ الخشنة -أو لنقل
إلا أن أقتله فى الواقع»( .)5وحتى بأقذع الألفاظ ،بل إنه فى إحدى النابية -التى لم يألف القارئ
عندما ينهال رفيقاه على أبيه ضر ًبا ثورات غضبه يزهق روح ابنه العربى أن يراها على الورق أو
الأصغر عبد القادر لأنه كان
دون أن يعرفوا أنه أباه نجده يتلوى ويصرخ طلبًا للطعام. يجدها بين دفتى كتاب.
يقول« :هاجمه رفيقاى .ضرباه يقول شكرى« :أخى يبكى ،يتلوى تروى الرواية تفاصيل حياة ا
باللكم ونطحات الرأس .سمعته ألمًا ،يبكى الخبز .يصغرنى .أبكى شكرى الذى ُولِد فى عام 1935
يصرخ ويئن ويستغيث .رأيته معه .أراه يمشى إليه .الوحش فى آيت شيكر فى إقليم الناظور
يغطى وجهه بيديه والدم يسيل يمشى إليه .الجنون فى عينيه. بشمال المغرب ،عاش طفولة أليمة
من بين أصابعه بغزارة .وقفت يداه أخطبوط .لا أحد يقدر أن معذبة فى قريته الواقعة بسلسلة
بعي ًدا أنتظر نهاية المشهد .تمنيت جبال الريف وفى مدينة طنجة التى
لو أنى أشاركهما فى ضربه»(.)6 نزح إليها مع أسرته الفقيرة عام
1942أم ًل فى حياة أفضل وهر ًبا
من شظف العيش فى قريتهم،
يخبرنا شكرى عن معاناته
ومعاناة أسرته فى مطلع الرواية:
«ذات مساء لم أستطع أن أكف
عن البكاء .الجوع يؤلمنى .أمص
وأمص أصابعى .أتقيأ ولا يخرج
من فمى غير خيوط من اللعاب.
أمى تقول لى بين لحظة وأخرى:
-اسكت ،سنهاجر إلى طنجة.
هناك خبز كثير .لن تبكى على
الخبز عندما نبلغ طنجة .الناس
هناك يأكلون حتى يشبعوا»(.)2
ولكن آمال الأسرة فى الحياة
الكريمة بطنجة لم تتحقق ،وإن