Page 230 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 230

‫العـدد ‪24‬‬                          ‫‪228‬‬

                                        ‫ديسمبر ‪٢٠٢٠‬‬                                                    ‫أفروديت‬
                                                                                                     ‫بدون رأس‬
 ‫إلى النقد النسوي فأرى أنه يتماس‬            ‫هيئة ماكرة‪ ،‬تنضوي تحت إرث‬
 ‫مع هذا النقد‪ ،‬لكونه حصر الفاعلية‬            ‫التبخيس‪ ،‬بل تجاهد من خلال‬
‫النسوية في مجال الثقافة ومحاولتها‬       ‫نصوص الحكايات على الحفاظ عليه‬
                                        ‫وتجليته‪ ،‬وقد وصل الأمر بالغذامي‬
   ‫–الثقافة‪ -‬إبراز «أنوثة المرأة» في‬         ‫أن يشكك في بعض النصوص‬
   ‫مقابل ذكورية طاغية‪ ،‬إنه الجهد‬          ‫التي تظهر المرأة على أنها قادرة‬
                                           ‫ومريدة وتتحكم بنفسها‪ ،‬وهي‬
     ‫الثقافي الذي تستطيع المرأة أن‬         ‫عامل في البعث والحياة كحكاية‬
   ‫تق ّدمه سواء لممارسة أم بملاحقة‬       ‫(الهيكل العظمي) الذي ص ّور المرأة‬
                                        ‫مختارة في عودتها للبحر‪ ،‬فالغذامي‬
          ‫النشاط النسوي وتبنيه‪.‬‬         ‫استبطن هذا النص وأظهر أ ّن النسق‬
    ‫قد لا تكون الثقافة العربية بد ًعا‬      ‫المضمر فاعل في هذه الحكاية‪،‬‬
‫بين الثقافات في نقاط الاختلال التي‬       ‫لأ ّن المرأة فيها هيكل بلا عقل‬
  ‫يحتويها متنها‪ ،‬ولع ّل قضية المرأة‬        ‫ولا جسد والرجل كامل‬
   ‫من القضايا الشائكة التي تتخلل‬           ‫السمات‪ ،‬وكذلك فعل‬
    ‫الثقافة العربية‪ ،‬فثقافتنا العربية‬     ‫الغذامي مع الحكاية‬
  ‫ثقافة ذكورية‪ ،‬وهذا أمر لا نجادل‬          ‫التي حاولت المرأة‬
     ‫فيه‪ ،‬بل حتى الثقافات الأخرى‬            ‫فيها الإفلات من‬
‫كانت ثقافة ذكورية وحاولت تجاوز‬            ‫أسر الرجل ووردت‬
                                            ‫بع ّدة ثقافات يمانية‬
      ‫ذلك الطغيان الذكوري بنسب‬          ‫ومجرية ونجدية‪ ،‬ففضل‬
   ‫متفاوتة‪ ،‬ولكنها حققت إنجازات‬          ‫التي منحت المرأة القدرة‬
 ‫لافتة في مجال الجنوسة (الجندر)‬           ‫على الاختيار ولم تنخدع‬
    ‫التي تدعو للنظر إلى المرأة ليس‬        ‫بمحاولات تضللها ع ّما‬
  ‫بمنظار (بايالوجي) مظهري‪ ،‬إنما‬            ‫تخبئه الحياة وحسنًا‬
  ‫إلى قدراتها العقلية وفاعليتها‪ ،‬أ ّما‬
     ‫المظهر فهو كأي مظهر إنساني‬                           ‫فعلت‪.‬‬
  ‫مختلف كاللون الأسود مث ًل‪ .‬وما‬           ‫إذا أردنا أن نصنف كتاب‬
 ‫يعنينا هنا ثقافتنا‪ ،‬وهذا الأمر تبنته‬       ‫ثقافة الوهم في أنه ينتمي‬
  ‫المؤسسات بكل أنماطها منذ زمن‬
  ‫بعيد‪ ،‬بل حتى في اللغة نجد صيغ‬                   ‫عبد الله الغذامي‬
     ‫المذكر لها حضورها وهيمنتها‪،‬‬
    ‫فحينما يثنى (الأب والأم) يقال‬
   ‫(أبوان) و(الشمس والقمر) يقال‬
 ‫(قمران)‪ ،‬وحينما نأتي على أعضاء‬
    ‫الإنسان فكل متكرر مؤنث وكل‬
  ‫متفرد فهو مذكر إلا ما ندر‪ ،‬يقال‪:‬‬
   ‫أنف‪ ،‬فم‪ ،‬رأس‪ ،‬شعر‪ ،‬بطن لأنها‬
‫أعضاءلا تتكرر‪ ،‬ويقال‪( :‬أذن‪ ،‬عين‪،‬‬

     ‫ثدي‪ ،‬رجل‪ ،‬ساق) كلها مؤنثة‬
 ‫لأنها تتكرر‪ ،‬وهكذا تستمر العملية‬

   ‫إلى أن تصبح الأنوثة مجردة من‬
  ‫كل امتياز‪ ،‬بل تصبح رق ًما لإكمال‬
   225   226   227   228   229   230   231   232   233   234   235