Page 236 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 236

‫العـدد ‪24‬‬                          ‫‪234‬‬

                                      ‫ديسمبر ‪٢٠٢٠‬‬

‫انفتا ًحا واستعدا ًدا لمناقشة ما كان‬      ‫وكثير من الحشمة والتستر‪،‬‬        ‫ولربما قطعت بصدق أم ًرا أعرف‬
   ‫يعد فى السابق من المحظورات‪،‬‬              ‫أو استوحوا فلسفة الحياة‬        ‫أنه «قد» يكون صحي ًحا‪ ،‬ولكنى‬
  ‫ولكن ذلك غير صحيح فى عالمنا‬
  ‫العربى المعاصر‪ .‬فتراثنا الأدبى‬         ‫وحكمتها من حكايات جداتهم‬             ‫قط لم أزعم صدق ما عرفته‬
     ‫منذ قرون مضت كان حاف ًل‬             ‫وعماتهم وداداتهم»(‪ .)12‬سيرة‬         ‫زي ًفا‪ ..‬لقد صورت نفسى على‬
   ‫بالكتابات التى تتناول الجنس‪،‬‬           ‫شكرى تمثل فت ًحا جدي ًدا لفن‬      ‫حقيقتها‪ :‬فى ضعتها وزرايتها‪..‬‬
    ‫وكانت تستقبل برحابة صدر‬              ‫السيرة الأدبية والفن الروائى‬       ‫وفى صلاحها‪ ،‬وحصافة عقلها‬
                                         ‫بصفة عامة‪ .‬لم يكن غاف ًل عن‬       ‫وسموها‪ ..‬تب ًعا للحال التى كنت‬
 ‫أكثر مما يحدث الآن‪ ،‬وخير دليل‬           ‫ردة الفعل العنيفة التى سوف‬       ‫فيها! لقد كشفت عن أعمق أغوار‬
  ‫على ذلك كتاب «ألف ليلة وليلة»‬        ‫تصدر من التيار الأدبى المحافظ‬       ‫نفسى‪ ،‬كما كنت أنت تراها‪ ،‬أيها‬
 ‫وأشعار أبو نواس وعمر الخيام‪،‬‬           ‫تجاه روايته‪ ،‬ولكن ذلك لم يفت‬       ‫الخالد السرمدى‪ ..‬فاجمع حولى‬
‫بل إن كتا ًبا من كلاسيكيات الكتب‬          ‫فى عضده واختار أن يخوض‬              ‫الحشد الذى لا حصر له من‬
‫التى تؤرخ للتاريخ الإسلامى مثل‬         ‫التجربة وأن يكون مفك ًرا تقدميًا‬      ‫أبناء جنسى‪ ،‬ودعهم يصغون‬
  ‫كتاب البداية والنهاية لابن كثير‬      ‫لا رجعيًا‪ .‬أراد لروايته أن تكون‬      ‫إلى اعترافاتى‪ ،‬فيرثون لخستى‬
    ‫به روايات لأحداث واستخدام‬            ‫«وثيقة اجتماعية‪ ،‬وليس أد ًبا‪،‬‬       ‫ويخجلون لمثالبى‪ .‬ثم ادع كل‬
‫لألفاظ قد يعتبرها البعض خادشة‬           ‫عن مرحلة معينة آثارها السيئة‬
  ‫للحياء‪ .‬فهل ُيع َقل أن نصادر أو‬     ‫مازالت تنخر مجتمعنا»(‪ .)13‬ولكن‬            ‫منهم إلى أن يكشف بدوره‬
  ‫نمنع أجيالنا الشابة من الاطلاع‬        ‫الأمر الغريب واللافت في الخبز‬     ‫‪-‬وعين الصراحة‪ -‬أسرار فؤاده‪،‬‬
 ‫على كتاب البداية والنهاية لوجود‬         ‫الحافى وسائر الأعمال الأدبية‬
‫بعض الألفاظ التى قد يرى البعض‬             ‫التي تمس الجنس ردة الفعل‬            ‫عند قوائم عرشك‪ ،‬وليقل إن‬
                                         ‫الراديكالية العنيفة من الاتجاه‬      ‫جرؤ‪( :‬لقد كنت خي ًرا من ذاك‬
                     ‫أنها نابية؟‬      ‫المحافظ‪ .‬فمن المسلَّم به أن التطور‬
                                                                                            ‫الرجل!)»(‪.)11‬‬
                                           ‫الزمنى يجعل الشعوب أكثر‬             ‫إن ُجل ُكتًّاب السيرة العرب‬
                                                                           ‫كتبوها ‪-‬على حد قول شكرى‪-‬‬
                                                                              ‫«إما بصناعة أدبية متحذلقة‬

                                                                                         ‫الهوامش‪:‬‬

                                                             ‫‪-1‬محمد شكرى (‪ )2003 -1935‬روائى مغربى‪.‬‬
                                     ‫‪ -2‬محمد شكرى‪ ،‬الخبز الحافى‪ ،‬دار الساقى‪ ،‬الطبعة الخامسة ‪ ،1999‬ص‪.9‬‬

                                                                                         ‫‪ -3‬السابق ص‪.10‬‬
                                                                                         ‫‪ -4‬السابق ص‪.12‬‬
                                                                                         ‫‪ -5‬السابق ص‪.89‬‬
                                                                                         ‫‪ -6‬السابق ص‪.75‬‬
                          ‫‪ -7‬د‪ .‬ه‪ .‬لورانس‪ ،‬أبناء وعشاق ج‪ ،1‬ترجمة شفيق مقار‪ ،‬روايات الهلال ‪ ،1970‬ص‪.83‬‬
                                                                                        ‫‪ -8‬السابق ص‪.168‬‬
                                                     ‫‪ -9‬د‪.‬رمسيس عوض‪ ،‬الأدب والجنس‪ ،‬أخبار اليوم ‪.1993‬‬
    ‫‪ -10‬د‪.‬عبد الوهاب المسيرى‪ ،‬العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة‪ ،‬المجلد الأول‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬ط‪ ،1‬ص‪.48 -47‬‬
‫‪ -11‬جان جاك روسو‪ ،‬اعترافات جان جاك روسو‪ ،‬ترجمة محمد بدر الدين خليل‪ ،‬مطبوعات كتابى‪ ،‬المؤسسة العربية‬
                                                                                 ‫الحديثة بالقاهرة‪ ،‬ص‪.5 -4‬‬
                             ‫‪ -12‬محمد شكرى‪ ،‬مفهومى للسيرة الذاتية الشطارية‪ ،‬مجلة الآداب ‪ 1‬فبراير ‪.1980‬‬

                                                                                               ‫‪ -13‬السابق‪.‬‬
   231   232   233   234   235   236   237   238   239   240   241