Page 240 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 240
العـدد 24 238
ديسمبر ٢٠٢٠
تنفرد بذاتها في فضاء حجرتها أقسى تطورات حالات الانفصام الروائي هنا ،حيث يعتبر تفري ًغا
المثيرة للجدل والدجل م ًعا! لتنتج والازدواجية ،تلك التي تتمادى نفسيًّا لشحنات انفعالية لا تنتهي
فيها الشخصية من خلال الهوس
حالات من اللاوعي أو الوعي المتبادل بين الطبيب والمريضة (كل من الشد والجذب والتجول
المضاد لمحاولات الإنقاذ أو بحسب درجات احتياجه ودرجة واللهاث الذي يسيطر على تلك
الخروج من المستنقع: مرضه) ،ما يجعل الاستمرار على العلاقة بين المريضة والطبيب الذي
هذه الوتيرة مطم ًحا من مطامح
«أقسمت أن تهجر نادر وأدويته، النص الروائي للتعبير عن ذاتها يتحول إلى درويش لها!
وأن تعالج ما تعاني منه بمزيد وفك شيفراتها ،التي لا تتوقف عن ليضع النص هنا تأسي ًسا
الدوران في فلك الأنثى الإشكالية، اجتماعيًّا جنسيًّا نات ًجا عن السقوط
من الانتقام من العالم الذي تركها التي تزداد تعقي ًدا وإلغا ًزا ،بالرغم في وهدة هذا المستنقع الذي يقع
صغيرة لموقد الكيروسين ،وأمها الجميع فيه ملتفين حول تلك
التي توزعت مشاعرها ناحيتها من تناثر مفاتيح شخصيتها السوسنة ،ويصرون عليه ،وهو
بين التماس العذر وبين الاتهام على مدار النص ،وهو ما تقرره ما نلمحه من نموذج للحوار بين
شخصية الطبيب بتوحدها مع الطبيب والمريضة ،والذي يمثل
بالتعهر الكامل ،أختها التي لا شك ًل من أشكال الوقوع في براثن
تعرف لها أر ًضا ..عزمت ندى شخصية مريضته ،من خلال الخديعة والإيهام الذي يوقع فيه
على ألا يمر العام إلا وقد حولت أحد حوارات العلاج الكاشفة الطبيب نفسه وذاته المحبة ،حتى
الحلم إلى واقع ،ولا يهم إن سقط يصير هو الآخر مري ًضا نفسيًّا
في الطريق عشرات الضحايا ،ولو والمواجهة: مفتو ًنا بهذه الأنثى الإشكالية/
-لقد انزلقت إليه فع ًل يا ندى
كانوا أقرب الناس»(.)7 أنا الآن معك ،في المستنقع ذاته.. المجنونة جنسيًا:
يبدو الوقوع في أسر أزمة الماضي صرنا شريكين يا حبيبتي ..أنا -يا حبيبي يا نادر لا تصدق كلمة
الحب من عاهرة ،أنا عاهرة لماذا لا
بصوره ومآسيه الضاغطة على شريكك ولا مفر من مواجهة
الوعي ،وتكرارها المقيت الذي المحنة»(.)6 تقتنع؟!
يتشابك مع أسر آخر هو أسر -لا يا حبيبتي ،لن أقتنع أنت
الحاضر المزدوج ،الذي تعاقر فيه التراجع النفسي ضحية الظروف القاسية كزهرة
الشخصية هذه السمة من القدرة والكابوس السوسن تما ًما في أقسى الظروف
على العبث والتلاعب بمقدرات تنبتين ،وتعطين أزكى العطور..
الآخرين والانتقام منهم ،ومن كل تبدو الشخصية المركبة أكثر ستكونين بخير ،أنا إلى جانبك»(.)5
شخصية فيهم ..في نموذج الأم التبا ًسا وتشبثًا بالواقع المريض تبدو هنا ملامح الاستلاب الذي
العا َّقة من هذا المنظور والأخت المتخم بالدنس والشذوذ النفسي
التي أفلتت من هذا الواقع المرير تعاني منه شخصية الطبيب
إلى واقع أشد غرابة وإلغا ًزا، والجنسي ،من خلال حالات بوقوعها في أسر المرأة مع
ودهاليز أخرى كثيرة ،كنواة التراجع النفسي التي تعتبر إلى محاولات تبرير ما لا يمكن
لمشروع فساد وإفساد كبيرين، حد كبير مؤش ًرا دلاليًّا على مدى
تلعب فيه الشخصية دور المحرك التأرجح ،والانغماس الشديد في تبريره ،من أجل الحصول على
الوهمي بتلك الممارسات التي هذا المستنقع الذي ينقل فعاليات الرضا المزيف الذي لا يؤتمن،
يهيئها لها هوسها وسعارها، وجوده إلى كل الأماكن التي تمثل ليبدو ملم ًحا من ملامح النص
مقتر ًنا بواقع حلمي /كابوسي في محاولاته التعتيم على تلك
عنيف تحركه الهلوسة ويصير أركا ًنا للعمل الروائي ،ولكنها
ملاز ًما لها كواقع حي ،وربما تنحضر وتبدو أكثرة حدة وتركي ًزا المساوئ ،والانجرار في تيار
تمثل في الدخول في غمار تجربة البحث العبثي عن حل للغز أو
دجلية تتداخل فيها كل ما يتعارك في المساحات المغلقة التي تنغلق الأزمة النفسية التي تظل تمارس
فيها الشخصية على ذاتها ،حينما تأثيرها على الوعي المأزوم ،لتنتج