Page 238 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 238

‫العـدد ‪24‬‬                           ‫‪236‬‬

                                       ‫ديسمبر ‪٢٠٢٠‬‬

    ‫الصدر والبطن والفخذين كأن‬           ‫ويعريها ويضعها في عمق الأزمة‬          ‫والتحرز من أعمالها هي وطائفة‬
    ‫تيا ًرا يتدفق من عضو إلى آخر‬       ‫الحقيقية التي يلوح كل شيء فيها‬           ‫من الشخوص التي تتبعها في‬
   ‫حام ًل معه ما تراكم من ذنوب‪،‬‬          ‫في المستنقع الذي تتحرك فيه كل‬
                                                                            ‫واقع الرؤية كرموز للمجتمع الذي‬
       ‫وهي تكبر وتتوسل وتطيل‬               ‫الأحداث‪ ،‬وحيث يلعب على تلك‬       ‫تلقي فيه الرواية بشباكها وتحاول‬
                    ‫السجود»(‪.)2‬‬         ‫السمة من التناقض أو الجمع بين‬
                                                                                               ‫القبض عليه‪.‬‬
       ‫هذه النزعة الكاذبة للتطهر‪،‬‬         ‫الشخصيتين السالبة السالبة‪/‬‬
       ‫والتي يعبر عنها النص هنا‬         ‫السالبة الموجبة التي ربما شطرت‬          ‫الكشف والمواجهة‬

         ‫باستخدام ضمير الغائب‬             ‫الشخصية المأزومة إلى شطرين‬               ‫«ماذا ح َّل ِبك يا ندى؟ هذا‬
   ‫الخارجي الراصد‪ ،‬هي وجه من‬              ‫على مدار النص الروائي ما بين‬          ‫الحلم‪ ،‬بل الكابوس‪ ،‬لا يتركك‬
    ‫أوجه حالة من حالات الفصام‬          ‫نصف القداسة‪ /‬القداسة الوهمية‪،‬‬           ‫ليلة تهدئين‪ ،‬دائ ًما في المستنقع‪،‬‬
 ‫المتعددة والاستغراق المتبادل بين‬      ‫وكل الدناسة‪ ،‬وطقوس كل منهما‪،‬‬           ‫صرت نهبًا للهواجس‪ ،‬وفريسة‬
 ‫الدناسة والقداسة التي تتجلى من‬            ‫وعمليات التحول النفسي التي‬            ‫للحزن الليلي‪ ،‬لم يعد لديك ما‬
   ‫خلال تداعيات النص وتفاصيل‬           ‫تميِّز هذا النَّص بشخصيته المتقلبة‪،‬‬        ‫تفعلينه للملاك الذي ظن أنه‬
                                          ‫والتي تعمل في ذات الوقت‪ ،‬على‬       ‫يسكنك‪ ،‬وحاولت أن تكونيه معه‪.‬‬
       ‫الشخصية التي ربما مثلت‬          ‫إبراز القيمة السالبة للمجتمع الذي‬     ‫أين هو؟ لم يكترث‪ ،‬ولم تكترث‪..‬‬
     ‫صندو ًقا أسود لذلك المستنقع‬          ‫يلعب المستنقع فيه دور المعادل‬        ‫فماذا جنيت الآن غير مصاحبة‬
 ‫يشهد على واقعين‪ :‬خاص وعام‪..‬‬                                                 ‫الشياطين وباعة الأحجبة؟ لم يعد‬
   ‫لا يختلف في مدى وقوعهما في‬                              ‫الموضوعي‪.‬‬         ‫لديك إلا الهزيمة تجر الهزيمة»(‪.)1‬‬
  ‫وهدة التفسخ والتحلل والانزياح‬        ‫«على بساط الصلاة سالت الدموع‬             ‫هذا الخطاب الموجه إلى الذات‪،‬‬
    ‫المرير نحو واقع أشد رسو ًخا‬                                             ‫والمحمل بكل عوامل القهر النفسي‬
      ‫واجترا ًرا لتاريخ سري أكثر‬           ‫حارقة مالحة‪ ،‬وارتجف البدن‬           ‫الضاغطة على وعي الشخصية‬
‫تش ُّو ًها وأكثر إيغا ًل في الضغط على‬      ‫ارتجافات عنيفة مع كل شهقة‬            ‫التي تعاقر جنونها واختلافها‬
   ‫حاضر الشخصية‪ ،‬والتي يأتي‬               ‫صدر وهي تتلو الفاتحة وآيات‬
  ‫بها النص في صورة دفقات‬                 ‫التوبة‪ ،‬أحست بدبيب عجيب على‬                     ‫وجنوحها في سبيل‬
    ‫من الماضي واسترجاعات‬                                                                    ‫الغواية والوقوع‬
 ‫تقطع الزمن الخطي للسرد‪/‬‬                                                                   ‫في وهدة المستنقع‬
‫التوثيق لتعطي مبررات وجود‬
     ‫هذه الحالة من الفصام‪،‬‬                                                                ‫بكل ما يعنيه‪ ،‬وما‬
 ‫ومن خلال هذا الوعي الحاد‬                                                               ‫يرفده للحالة الفارقة‬
   ‫بالماضي الذي تقطعه أي ًضا‬                                                             ‫والغارقة في التضاد‬
‫تأوهات الشخصية في تداخلها‬                                                                ‫والمقابلة‪ ،‬لتمثل هذه‬
 ‫وتشابكها مع آليات الحاضر‬                                                            ‫النقلة‪ /‬البداية التفعيلية‬
 ‫والتطلعات إلى مستقبل يبدو‬                                                            ‫لأحداث النص الروائي‪،‬‬

              ‫أكثر غمو ًضا‪:‬‬                                                               ‫حيث يقدم السارد‬
  ‫«أتذكرين يا نجية؟ حرقتني‬                                                              ‫هنا بضمير المخاطب‬
  ‫صغيرة بموقد الكيروسين‪،‬‬                                                              ‫الجالد للذات والملاصق‬
  ‫وأن ِت مشغولة بالفحل الذي‬                                                             ‫لها والمواجه لها بكل‬

     ‫يطفئ لهيبك في الغرفة‪..‬‬                                                                 ‫تفاصيل الحالة‪/‬‬
   ‫ها أنذا أحترق كل يوم على‬                                                            ‫المأساة صورة شفيفة‬
  ‫مواقد الشهوة‪ ،‬ولا أجد من‬
                                                                                            ‫لما يجترح الذات‬
   233   234   235   236   237   238   239   240   241   242   243