Page 23 - ميريت الثقافية- العدد 23 نوفمبر 2020
P. 23
21 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
أن ندرج الفيلم العراقي «الملك غازي» من إخراج إلى التمويه والتورية ،أما رواية «فردقان :اعتقال
محمد شكري جميل ضمن هذا اللون السينمائي. الشيخ الرئيس»؛ فهي تتحدث بصورة مباشرة
أما على المستوى الروائي فيمكن أن نعد رواية وصريحة عن شخصية تاريخية محددة وبالاسم
واسيني الأعرج الموسومة «كتاب الأمير :مسالك هي شخصية ابن سينا ،بحيث تتحول الرواية
أبواب الحديد» ،وهي سيرة لحياة الأمير عبد القادر إلى رواية سيرية (بيوغرافية) ،ترتبط بلون من
ونضاله ضمن هذا المنحى .كما يمكن أن نصنف
الكتابة الروائية عن شخصيات واقعية وتاريخية
رواية الروائية العراقية رغد السهيل الموسومة يطلق عليها في النقد الحديث مصطلح «السيرة
«منازل ح ،»١٧التي هي سيرة تاريخية افتراضية
عن حياة متمردة نسوية ضمن هذا اللون .ويمكن الممسرحة» Biography Dramatized؛ التي تكتب
عن شخصية حقيقية وليست تخييلية .وقد تكتب
أن ندرج سلسلة النصوص المسرحية التي كتبها
وأخرجها الكاتب والفنان المسرحي د.عقيل مهدي بشكل سيناريو سينمائي يطلق عليه مصطلح
«بايو-بك « ،pic-Bioوهو اختزال لمصطلح
عن عدد من الشخصيات الثقافية العراقية منها
الجواهري ،وعلي الوردي ،والسياب وحقي الشبلي سينمائي ،أو ما يمكن أن نسميه بأفلام السيرة،
التي تحرص السينما الحديثة وفي مقدمتها هوليود
ويوسف العاني وغيرهم ،تحت باب السيرة
الافتراضية هذا. على تقديمها ،من خلال تقديم السيرة الحقيقية
لشخصية تاريخية أو سياسية أو ثقافية معينة.
ومن هنا نجد أنفسنا أمام ما يعتقده بعض النقاد
جن ًسا روائيًّا جدي ًدا من أشكال السيرة الروائية ومثل هذه الأفلام تحاول الابتعاد عن الصيغة
الوثائقية أو التسجيلية ،وتقترب من الجوهر
التي تنص على الشخصية التاريخية صراح ًة. التخييلي للسرد الروائي ،لكنها تظل مشدودة
ولكننا لو أعدنا تفحص هذا «الجنس» الروائي بخيوط خفية إلى مرجعياتها التاريخية والحقيقية.
الافتراضي ،لوجدناه لا يختلف كثي ًرا عن ضروب ويمكن الإشارة هنا الى أفلام من هذا النوع ،منها
مماثلة للسرد السيري «البيوغرافي» والسيري فيلم عن حياة «المهاتما غاندي» وفيلم «تشارلي
الذاتي «الأوتوبيوغرافي» .ولذا فهذا اللون لا يعدو شابلن» ،كما يعد الفيلم السوفياتي «تشاباييف»
أن يكون لو ًنا أو ضر ًبا فرعيًّا جدي ًدا ،ولا يمكن من هذا الطراز .كما ويمكن أن نعد الكثير من
له أن يرقى إلى مستوى الجنس الأدبي الروائي الأفلام العربية من هذا النمط ،منها فيلم عن أنور
السادات وآخر عن جمال عبد الناصر ،كما يمكن
المستقل.
لشد ما أثار قلقي تشتت صورة ابن سينا
الحقيقية في هذه الروايات الثلاث .إ ْذ لم أجد
ابن سينا واح ًدا في هذه الروايات ،بل وجدت
ثلاث شخصيات له .فكل رواية تحاول أن تقدم
منظو ًرا مغاي ًرا لابن سينا يختلف عن الآخر ،حتى
ليظل القاري حائ ًرا في التعرف إلى الشخصية
الحقيقية ،وإلى الجوهر الإنساني الذي يمثله
ابن سينا الذي ضاعت ملامحه بين التاريخي
والافتراضي ،وخاصة بعد أن أصبح بط ًل روائيًّا،
ربما بط ًل اشكاليًّا أو تراجيد ًّيا أو وجود ًّيا .إذ
يشعر القارئ أحيا ًنا أن ك ًّل من الروائيين الثلاثة
يحاول أن يسحب ابن سينا إلى منظوره ،ويمنحه
الصفات والسمات التي يراها ملائمه له أكثر من
غيرها .وقد يبدو هذا مقبو ًل في الرواية الحديثة،