Page 47 - ميريت الثقافية- العدد 23 نوفمبر 2020
P. 47

‫‪45‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫رؤى نقدية‬

                                                  ‫د‪.‬محمد غانم‬

             ‫قراءة نفسية في رواية‬
‫«الزعيم يحلق شعره» لإدريس علي‬

        ‫تناول الكاتب تجربته في السفر إلى ليبيا‪ ،‬وتجربة سفر المصريين‬
       ‫إلى مختلف دول العالم تحتاج إلى العديد من الأعمال الإبداعية‪ ،‬وكذا‬
     ‫إلى العديد من الدراسات والأبحاث العلمية‪ ،‬حيث تناول بصفة حادة‪/‬‬
    ‫عميقة‪ /‬قاطعة كسيف كافة صنوف القهر التي يتعرض لها المصري في‬
     ‫الغربة‪ ،‬وكم التنازلات التي يقدمها جراء تحسينه أوضاعه الاقتصادية‬
       ‫وربما الاجتماعية‪ ،‬وبما أن السياق الاجتماعي‪ /‬النفسي‪ /‬الثقافي في‬
    ‫مختلف المجالات‪ ،‬فعلى المصري أن (ينافق) ويتوافق مع هذه الأوضاع‬

                    ‫حتى يستمر ويأتي بمال مغموس بدم الكرامة المهدرة‪.‬‬

 ‫الأفكار والاتجاهات التي قد لا تتناسب مع التربة‬   ‫حتمت مجموعة من العوامل سفر المصري للعمل‬
      ‫والسياق والمناخ الذي تربينا عليه في مصر‪.‬‬
                                                        ‫في الدول العربية المجاورة‪ ،‬وقد تكون هجرته‬
  ‫الجديد في رواية “أدريس علي” أنها تقدم تجربة‬       ‫مؤقتة‪ ،‬وقد تكون هجرته دائمة رغم ما عرف عن‬
  ‫شخصية لتواجد المصريين في ليبيا أيام أن كان‬      ‫المصري من كراهيته لمغادرة الوطن‪ ،‬ويعبر عن ذلك‬
                                                     ‫جملة من الأمثال الشعبية أشهرها‪ :‬من خرج من‬
            ‫يحكمها الزعيم الراحل معمر القذافي‪.‬‬     ‫داره اتقل مقداره‪ ،‬والغريب أعمى ولو كان بصير‪،‬‬
                                                  ‫وأي ًضا إش رماك على المر قال‪ :‬اللي أمر منه‪ ،‬وغيرها‬
        ‫من هو أدريس علي؟‬                           ‫من الأمثال‪ ،‬ولعل دخول مصر في مرحلة الانفتاح‬

‫يقدم سيرته الذاتية في آخر الرواية بأنه من مواليد‬       ‫الاقتصادي بعد انتصار أكتوبر ‪ 1973‬قد قلب‬
 ‫الخامس من أكتوبر ‪ ،1940‬وقد رحل عن دنيانا‪،‬‬              ‫الحياة والأفكار والسلوكيات رأ ًسا على عقب‪.‬‬
                                                    ‫ونعتقد أن تأثير السفر على نفسية الذين سافروا‬
‫وأنه نوبي الأصل رغم سكنه في الجيزة‪ ،‬وقد تعثر‬      ‫في حاجة إلى مزيد من الدراسة‪ ،‬إذ مازال كاتب هذه‬
  ‫في دراسته الابتدائية وكذا معهد القاهرة الديني‪،‬‬     ‫السطور يؤمن بحقيقة أن الذي يسافر إلى الدول‬
                                                   ‫الأوروبية أو العربية –خاصة دول الخليج– لا يأتي‬
‫ولذلك تطوع في القوات المسلحة وتحدي ًدا في سلاح‬    ‫فقط بالأموال ولا الهدايا‪ ،‬ولكن قد يحمل العديد من‬
   ‫حرس الحدود عام ‪ ،1967‬ثم خرج من الخدمة‬
  ‫لعدم اللياقة الطبية‪ ،‬وقد مارس العديد من المهن‬
  ‫البسيطة في مراحل متعددة من حياته‪ ،‬ثم استقر‬
   42   43   44   45   46   47   48   49   50   51   52