Page 43 - ميريت الثقافية- العدد 23 نوفمبر 2020
P. 43
يرى الشاعر محمود الحلواني في
كتابه (خيال الضرورة ومرجعياته)
أن شعر العامية المصرية كان
«ضرورة» ثقافية تنويرية لا غناء
عنها لمخاطبة الشعب والتعبير
عن آلامه وآماله ،الأمر الذي كان
له التأثير الكبير في توجيه شعر
العامية نحو معالجة كل ما يحسبه محمود الحلواني
«ضرورة» اجتماعية ،فيما يعد التزا ًما
أخلاق ًّيا منه نحو مجتمعه على تماسكها وبقائها في مواجهة
العالم– هو أحد سمات النصوص التي
بين أيدينا ،إذ يبدو أنه لا أحد يمنح
هذه الذات ما تستحقه من حفاوة
لها سواه فيحاول أن ينتصر لها ،يمنحها القوة واهتمام ،بل يكاد التجاهل والتهميش يكون هو
والمدد في مواجهة الحياة ،والصلابة للتعامل مع السمة الرئيسة في العلاقة بالآخر« :أسوأ حاجة..
الواقع بآخرية الذين تتشابك وتتعقد علاقاته معهم،
وهو بهذه الرؤية والمكاشفة لا يعدم أن يجد في إنك تكون عايش ومافيش حد واخد با ُله من
الواقع الفظ المجرد منفعة ،إذ بهذا التجريد القاسي الموضوع ده ..حالة إنك تكون ُمفتقد كل حاجة..
وبخلع عباءات الاستعارة وأقنعة الزينة يبقى أن
يعايش المرء حقيقته وحقائق الأشياء ويستمتع حتى الاضطهاد» .رامي يحيى «بأكد جنوني».
بعيشها كما هي وليس بما قد تبدو عليه .وهو في ليس غريبًا إذن أن يبدأ رامي يحيى تجربته هذه
ذلك لا يكف عن ممارسة نو ٍع من الجلد الذاتي
بإهدائه لنفسه (ليا )..ولا أن يتولى عنا طرح
المرتبط بالرؤية العميقة والتلصص داخل تلك ما يريد قوله من خلاله بشكل مباش ٍر حين
الذات ،وهو ما يطرح علينا دائ ًما التصور الأرسطي يعود ويوطئه بالكشف عنه في عتبته« :ال ُبوح أو
التع ّري /..دول أقرب لفظتين يعبَّروا عن التجربة
دي»(.)١٤
القديم الذي يربط بين الفن وفكرة التطهير ،كما التعري والتطهر بالاعتراف
يطرح دون شك دور الاعتراف والبوح ،وإن اتخذ
الشكل الأدبي الفني سبي ًل لهذا التطهر والتحلل مما
وهو ما يمارسه معظم شعرائنا بشكل أو بآخر
يثقل النفس في المنظور الديني والشعبي ،وهو ما بقص ٍد تام ومعلن أحيا ًنا في مقدمات النصوص
يمكن قراءته بلا شك من منظور نفسي متراكب، وإهداءات المجموعات الشعرية ،أو ما يبدو لنا
خاصة حين يعبر العمل الأدبي بشكل رمزي عن متسلِّ ًل من خلال النصوص ،ولعل هذا التطهر
بعض دوافع السلوك الشعورية وغير الشعورية والتكشف للذات يكشف معه الغطاء عن الكثير
كما يطرح د.محمد حسن غانم في كتابه «الإبداع من أحوالنا ويعري مع تعريته لنفسه واق ًعا
وسيكولوجية التلقي»(.)15 كام ًل نشاركه إياه .وهو مع كشفه وتعريته لذاته
والقسوة عليها في مواضع كثيرة لا يجد من ينتصر هذا الشعور بعدم الرؤية أو المعرفة الحقة أو