Page 40 - ميريت الثقافية- العدد 23 نوفمبر 2020
P. 40
العـدد 23 38
نوفمبر ٢٠٢٠
الهام (العامية المصرية بين الشفاهية والكتابية) كما تغيرات ،وما يميزها من قيم وايجابيات(.)6
أسلفنا. ويناقش أحمد عبد المعطي حجازي العلاقة بين
الفصحي والعامية وتطور القصيدة العامية على يد
أما عن علاقة شعر العامية بالواقع السياسي الآباء في مقاله بالأهرام ،مناق ًشا طرح ابن خلدون
والاجتماعي والتحامه به وانطلاقه منه متحد ًثا طل ًقا عن استخدام العامية وبلاغتها« :ابن خلدون يتحدث
عن العامية وبلاغتها فيشهد لها ويدافع عنها ،لأن
بصوت الجموع فحدث ولاحرج .وهذا ما يؤكده البلاغة ليست الإعراب وإنما هى مطابقة الكلام
سمير الفيل في بحثه وقراءاته لقصيدة العامية
المصرية في جيل السبعينات« :لا يمكن أن نقوم لمقتضى الحال ،وهو يرى أن الذين يرفضون
بعملية مسح تاريخي لقصيدة العامية المصرية العامية وينكرون قيمتها لايعرفونها ولا يتذوقون
ما فيها من خصائص وإنما يقيسونها على الفصحى
بمعزل عن التغيرات السياسية والحراك الاجتماعي فيحكمون عليها بالفساد .ونحن نرى أن هذا الموقف
والتبديات الاقتصادية التي تنعكس حتما على السلبى الذى ناقشه ابن خلدون ورد عليه تراجع
الى حد كبير فى هذا العصر الذى نهضت فيه مصر،
مبنى ومعنى النص الشعري .وبالرغم من كون وقويت فيه الحركة الوطنية التى استعاد بها الشعب
الظاهرة تمتنع غالبًا عن التصنيف التاريخي المحدد حضوره ،وأعاد الاعتبار لتراثه وللغته التى فرضت
نفسها فى فنون العصر :الغناء ،والسينما ،والمسرح،
زمنيًّا بصرامة ،فإن استقصاء جوانب الحركة في كما فرضت نفسها فى الدراسات اللغوية والأدبية
مسيراتها ،ومراحل صعودها وهبوطها ،تتطلب التى تناولت العامية وأدبها بكل صوره وأشكاله،
عقلية مرتبة واطلاع واسع على دفتر ديوان «شعر كما فعلت سهير القلماوى ،وعبد الحميد يونس،
العامية» في مختلف القرى والنجوع والمدن المبعدة وأحمد رشدى صالح وتلاميذه»(« .)7فالنضال
الحقيقي من وجهة نظري هو محاولة وضع
الفقيرة ،ناهيك عن قلب العاصمة الموار بالحركة
والعنفوان»(.)9 الإنسان أمام ثوابته ،لا لتقديم بدائل ،بل للدعوة
للمشاركة فى فضاءات جمالية وإنسانية أرحب ربما
السرد الشعري والرصد /المشهدية تكون أكثر صد ًقا مع اللحظة الإنسانية الراهنة»(.)8
مقابل الصورة التقليدية
هذا ما يؤكده لنا مدحت منير في طرحه التنظيري
الرصد الحميم للأماكن والحديث عن نماذج
بشرية لها خصوصيتها هو أحد السمات التي
يتشاطرها شعراؤنا ،فتراهم مهمومون بطرح
ذوات مهمشة تنتشر في واقعنا اليومي انتشا ًرا
ينسينا أحيا ًنا ما يحمله وجودها من دلالات في
حياتنا ..شخوص مهمشون وواقعون غالبا تحت
وطأة الفقر والضعف ،غير أنهم ممتلئون بحب
الحياة ،يمارسونها كيفما اتفق بفراد ٍة وشجاعة
نادرة ،يتماس معهم الشاعر ويطرح رؤيته المواجدة
لهذه النماذج من البشر المهمشين والضعفاء ،في
مشاركة لا تكتفي بالرصد من الخارج وإنما يتحدث
الشاعر بهم ومعهم وعنهم ،وكأنه يراه فيهم
ويرى هزائمهم وضعفهم جز ًءا لا يتجزأ من تجربة
إنسانية مهيضة ،لكنها مملوءة بالحياة.
وبقدر ما قد تبدو هذه النماذج متطرفة أحيا ًنا إلا
أن رصد وجودها الحميم والذي تعودنا أن تلتقطه
الكتابات السردية «رواية وقصة» ،هذا الرصد