Page 41 - ميريت الثقافية- العدد 23 نوفمبر 2020
P. 41
39 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
وقد فتحت قصيدة النثر فضاءات جديدة للتعبير يختلف في النص الشعري ،وإن كان نثر ًّيا فنرى
الشعري كما يرى عبد الله السمطى ،حيث تعددت اعتماد القصيدة النثرية على تقنيات السرد .فالمشهد
هو البديل للصورة البلاغية التقليدية ،وإن لم تتخل
مستوياتها اللغوية وتنوعت بين اهتمام واحتفاء القصيدة الجديدة عن البلاغة القديمة إلا إنها قدمت
باللغة الشعرية وحقولها الدلالية إلى مستوى بدائل وتنويعات أخرى ،مستفيدة من فنون الفرجة
لا يكترث بالانفصام بين اللغة الشعرية أو غير والسرد ،مشهد سردي مكثف ،بتنقلات حادة
الشعرية ،ويمارس تداولية الكتابة في شكلها وسريعة تتحرك عين الراصد حاملة كاميرا ذات
حساسية خاصة ،قادرة على خلط الأزمنة والأمكنة،
التقريري الخبري المحض ،كما يرى ان قصيدة النثر الواقع بالمتخيل بالحلم ،المحكي عنه بالمرصود الآني
-وهي الشكل الشعري الذي يغلب على الدواوين مع تتابع واختلاف للضمائر ،التي يبرز الالتفات
التي نطرحها للقراءة سو ًّيا في هذا الكتاب -قد والانتقالات بينها كحيلة بلاغية تستطيع احتواء
هذه النقلات السردية المتسارعة وشديدة الكثافة.
نحت لاستثمار طاقات الفنون الأخرى بشكل كبير، وكثي ًرا ما يتنقل بنا الشاعر ذها ًبا وإيا ًبا من الذات
سواء كانت فنو ًنا قولية :القصة ،الرواية ،المسرح، إلى الآخر في رحلة مستمرة وممتدة تكون القصيدة
أو بصرية :الفن التشكيلي ،السينما ،والفضائيات ،ما فيها مظهر هام –وأحيانا الأهم -من مظاهر توكيد
جعل الصورة المشهدية التي يستخدم فيها إمكانيات الذات والتشبث بالحياة ،مع مقاومة الزمن الثقيل،
الفنون البصرية والسرد الشعري بدي ًل للصورة وقد تختفي هذه الذات في نصوص أخرى لتتحول
إلى الراوي الراصد من الخارج ،ويغلب استخدام
الشعرية التقليدية ،وأنتج أنما ًطا بلاغية أخرى
مغايرة تتعلق بالصورة المشهدية»(.)11 ضمير الغائب في مجموعة من القصائد لتعاود
«الأنا» الظهور بشكل مباشر وأكثر حدة ووضو ًحا
وهذا التحول نحو الصورة المشهدية هو ما حدا
بالشاعر والناقد عمرو العزالي إلى طرح مبحثه في رصدها لنفسها في قصائد أخرى.
الهام (توظيف آليات الكتابة السينمائية في شعر والمشهد كما يراه الشاعر الراحل مجدي الجابري
العامية المصرية) ،حيث رصد جذور ارتباط قصيدة في قراءته لديوان «نازل طالع زي عصاية كمنجة»
العامية المصرية بالمشهدية في مختلف أشكال
كتابة هذه القصيدة «ابتدا ًء من الرصد السطحي لصالح الغازي هو «توبوغرافيا أيكولوجيه
لظواهر اجتماعية وسياسة وسلوكية ،مرو ًرا بوعي خاصه ،خريطه شخصيه لناس وأماكن وحاجات
التجريب والتفاعل مع الطرافة الشعرية المختفية وأحاسيس ممكن حد يشترك معاك فيها وفى نفس
في السياقات السردية لدى فؤاد حداد ،ومشهدية الوقت بتسمح الحريه إن الآخرين يتوجدوا معاك.
بصرية سينمائية تجلت في نصوص عبد الرحمن الآخرين اللى يخصوك واللى سابو وبيسيبوا يوميًّا
الأبنودي ،وصو ًل إلى اعتماد المشهدية اليومية علامات حقيقية على إحداثيات خريطتك ..وعيك..
المحايدة كآلية رئيسية في منجز قصيدة نثر العامية ممارساتك ..والمشهد برضه له إيقاعه لكنه مش
إيقاع اللغه بس ..ده إيقاع الحركه العامة للمشهد
المصرية ،وصو ًل إلى التفاعل مع آليات كتابة
السيناريو السينمائي» ،وهو ما طرحه على امتداد التقديم والتأخير التطويل والتقصير الاختصار
كتابه المختلف والهام وقدم له نماذج تطبيقية من والإسهاب السرد والوصف ..ده غير حركة
الأشخاص والأماكن وحركة الصمت والكلام
خلال العديد من النصوص(.)12
الحوار والتعليق الدخول والخروج للشخصيات..
الذات وأزمتها الوجودية وإزاي ترصد حركة كل ده وتصطاد منه إيقاع
ينتشر من داخل النص وما يمكنش فصله عن
تحتشد القصائد بالكثير من صراعات الوجود.. العالم الموار اللى بيتكون من الكائنات والأشياء
طموحات وإخفاقات ..أحلام وكوابيس ..أماكن والأماكن والحالات والأزمنة والأحاسيس»(.)10
وأزمنة تتنفس بش ًرا يروحون ويجيئون وتمتلئ
بوجوههم وروائحهم وآثارهم الموجودات،