Page 262 - Nn
P. 262

‫العـدد ‪35‬‬                           ‫‪260‬‬

                                    ‫نوفمبر ‪٢٠٢1‬‬

                    ‫الآداب»(‪.)20‬‬       ‫امتداد لميراث من المركزية قديم‪،‬‬   ‫وعندما ينعته المفتي والداعية بذلك‬
 ‫ساهم التطلع السياسي في إفساد‬           ‫انظر إلى وصف رؤوف عباس‬              ‫فلا تتوقع أي معارضة لرغباته‬
 ‫المناخ الجامعي وتحويل الأساتذة‬        ‫لذلك إذ يقول‪« :‬استحدث النظام‬                           ‫وشهواته‪.‬‬
‫الطامحين إلى فئة انتهازية‪ ،‬فظهرت‬     ‫منذ عهد السادات سنة ق ّدر لها أن‬         ‫ونعود إلى الوكيل‪ ،‬لأنه إذا لم‬
                                     ‫تدوم‪ ،‬وهي اختيار عناصر منتقاة‬
     ‫«حمى التنافس في غير المجال‬     ‫معروفة بولائها للنظام أو محسوبة‬       ‫يكن وكيل الكلية على هوى العميد‬
    ‫العلمي‪ ،‬فتلم ُق قيادات التنظيم‬       ‫على أحد أركانه لتتولى رئاسة‬           ‫يستطيع إبعاده عن منصبه‬
  ‫السياسي‪ ،‬والتطوع للتعاون مع‬         ‫كل مؤسسة من القطاع العام إلى‬
      ‫أجهزة الأمن (كتابة التقارير‬      ‫الوزارات إلى الجامعات‪ ،‬واعتبار‬     ‫مستبد ًل به شخ ًصا طيِّ ًعا‪ ،‬بحجة‬
   ‫عن الزملاء) كانت الطريق التي‬       ‫معيار الولاء هو المحدد الأساسي‬          ‫عدم التعاون أو أنه إخواني‪،‬‬
 ‫سلكها الانتهازيون للحصول على‬         ‫في الاختيار‪ ،‬وترك كل من يتولى‬
‫المكافآت‪ :‬مناصب المستشار الثقافي‬                                            ‫ويعطي القانون الحق كل الحق‬
     ‫بالسفارات المصرية بالخارج‪،‬‬           ‫أمر مؤسسة يديرها وكأنها‬           ‫لهذا الوكيل المستبعد في اللجوء‬
‫ومناصب الهيئات الدولية‪ ،‬وانتظار‬        ‫(عزبته) يفعل بها ما يشاء دون‬        ‫إلى القضاء الإداري الذي سوف‬
      ‫(حلول الدور) لتولي منصب‬                                             ‫يعيده بعد عامين على الأقل ليكمل‬
      ‫الوزير»(‪ ،)21‬ولم يكن رؤوف‬                 ‫حسيب أو رقيب»(‪.)19‬‬       ‫ما تبقى له من مدة في قرار شغله‬
  ‫عباس وحده الذي أشار إلى ذلك‪،‬‬           ‫في ظل (إدارة العزبة) يصبح‬       ‫منصب الوكالة‪ ،‬إن كان ُمعيَّنًا‪ ،‬إما‬
    ‫بل تجد ذلك لدى عبد الرحمن‬             ‫الحديث عن الحرية الجامعية‬         ‫إن كان قائ ًما بعمل الوكيل فمن‬
    ‫بدوي‪ ،‬وفي الشهادات لأساتذة‬      ‫واستقلال الجامعات ونزاهة البحث‬       ‫العبث رفع دعوى ضد العميد‪ ،‬وفي‬
   ‫دار العلوم لعصر محمود قاسم‬        ‫العلمي والشفافية وما شابه ذلك‪،‬‬       ‫حال عودة الوكيل المستبعد بحكم‬
   ‫عمي ًدا‪ ،‬لكن رؤوف عباس يتكلم‬          ‫يصبح كل ذلك أم ًرا مضح ًكا‪.‬‬         ‫قضائي يكون العميد قد غادر‬
 ‫بجرأة وتفصيل‪ ،‬وتجنب الربيعي‬          ‫أشار رؤوف عباس إلى خلل طرأ‬         ‫مكتبه بحكم انقضاء فترته‪ ،‬وبذلك‬
 ‫ذلك‪ ،‬ربما لأن كليته لم يكن أهلها‬    ‫على الجامعة منذ عهد عبد الناصر‬         ‫يتخلص من خصومه بالقانون‬
 ‫يطمحون إلى هذا الأمر على زمنه‪،‬‬         ‫وهو «استوزار الثورة لأساتذة‬         ‫(هذه وقائع‪ ،‬وليست خيالات)‪،‬‬
 ‫ولعله من نافلة القول التأكيد على‬        ‫الجامعة والتركيز على جامعة‬        ‫وقد يرضي الوكيل بالاستبعاد‪،‬‬
‫أن الأستاذ الوحيد الذي استوزرته‬      ‫القاهرة‪ ،‬وهو الخلل الذي أدى إلى‬         ‫ويصرها في نفسه ضد العميد‬
 ‫الحكومة (الدكتور أحمد هيكل) لم‬     ‫تآكل استقلال الجامعة نتيجة تملق‬      ‫الذي استبعده وينتهي الأمر هكذا‪،‬‬
‫يكمل في الوزارة سنة‪ ،‬وتم تغييره‪.‬‬        ‫أعضاء هيئة التدريس للسلطة‪،‬‬       ‫ومن هنا فإن الوكيل في الكلية هو‬
    ‫إن مركزية الإدارة في الجامعة‬    ‫وقبولهم لما فرضه القانون الخاص‬         ‫الحلقة المستضعفة ج ًّدا‪ .‬وبالتالي‬
  ‫هي أم المشاكل‪ ،‬وعنها تتولد كل‬          ‫بالجامعات من ضوابط قيدت‬          ‫فإن القول بأن مجلس الكلية ينفذ‬
     ‫المثالب‪ ،‬ولأنها نتيجة القبضة‬         ‫الحريات وأخضعت الجامعة‬             ‫رغبات العميد ليس فيه مبالغة‬
   ‫الأمنية على الجامعة‪ ،‬فقد جرت‬        ‫لسلطان أجهزة الأمن‪ ،‬فكان طه‬
     ‫محاولات عدة لتحرير اختيار‬          ‫ربيع مدير إدارة الأمن بوزارة‬                             ‫مطل ًقا‪.‬‬
                                       ‫التعليم العالي يمارس نفو ًذا على‬  ‫يحدث هذا علانية ويعلمه القاصي‬
       ‫العميد ورئيس الجامعة من‬         ‫الجامعات يفوق سلطان الوزير‬
 ‫سطوة النظام السياسي‪ ،‬لكن تلك‬         ‫نفسه‪ ،‬وتسابق المنافقون لتملقه‪،‬‬        ‫والداني‪ ،‬بل إن ما تتم مناقشته‬
   ‫المحاولات كانت تسفر عن مزيد‬          ‫فهو الذي يسمح لهذا بالسفر‪،‬‬         ‫في المجلس لا يتم إثباته ن ًّصا في‬
 ‫هيمنة للدولة ومزيد هيمنة للعميد‬       ‫وتعطيل سفر ذلك‪ ،‬ويملك تبديد‬           ‫المضبطة‪ ،‬ويستطيع العميد أن‬
  ‫ذراع الدولة في المؤسسة‪ ،‬ومزيد‬          ‫الإعارة لمن يشاء‪ ،‬وبلغ التملق‬
  ‫من المركزية‪ ،‬فتم استحداث نظام‬        ‫ذروته عندما حصل الرجل على‬              ‫يضيف ما يشاء إلى الصياغة‬
 ‫اختيار العميد بالانتخاب فترة من‬     ‫درجة الدكتوراه من إحدى كليات‬               ‫ويتجاهل بعض القرارات‪،‬‬

                                                                              ‫ويتصرف بطريقة رأى فيها‬
                                                                         ‫رؤوف عباس أكثر من مرة كما لو‬
                                                                          ‫كان المسئول يدير «العزبة»‪ ،‬وهذا‬

                                                                            ‫الذي يحدث في العام ‪ 2021‬هو‬
   257   258   259   260   261   262   263   264   265   266   267