Page 24 - m
P. 24
العـدد 55 22
يوليو ٢٠٢3
إدوارد سعيد عباس محمود العقاد فكرة الثقافة ذاتها ،واهتدى إلى أن الكتاب لم يكتبه
العميد في ظرف عادي بل كانت مصر توشك على
()4
الدخول في العالم الحر باستقلالها الوشيك عن
يستوفي الكاتب فكرة التنوع في بحث هوامش بريطانيا ،فعادل سؤال الثقافة سؤال المصير ،على
العميد ،فهو وإن كان قد التزم المقدمات هذه الأسس الفكرية تمكن الكاتب من رؤية فكر طه
حسين وتلمس اتجاهاته ،خصو ًصا في دعوة الأخير
والخواتيم في الفصلين الأول والثاني ،والمقدمة لتماهي الثقافة المصرية مع الثقافة الأوروبية (تما ٍه
والمتن م ًعا في الفصل الثالث ،فإنه اختار بقية قائم على الندية لا التبعية والانسحاق) في حجاج
أنواع الهوامش في الفصل الرابع والأخير ،أعني عقلي متزن حول طبيعة ثقافات العالم آنئ ٍذ بين
المقالات الصحفية ونقد ُكتَّاب معاصرين ،وفي أوروبية وعربية وآسيوية.
السياق يقدم أيمن معرفة على معرفة ،الأولى
مستوحاة من منجز العميد في تلك المقالات، على الرغم من السجالات الطويلة المتنوعة التي
والثانية تأتي من امتداد فكرة رصد ملامح أجراها أيمن بكر حول كتاب (مستقبل الثقافة
التجربة المعرفية عند العميد ،بهذا التضافر في مصر)؛ لم يقدم إجابة حاسمة حول السؤال
المحوري :هل الكتاب عن الثقافة أم عن التعليم؟
يحقق الكاتب غرضين :الأول انسجام الكتاب في ربما انحاز في مجمل الفصل إلى فكرة الثقافة ،وفق
مجموعه ،بوصفه رص ًدا لملامح التجربة المعرفية تعريف إدوارد تيلور لها ،واكتفى بتنميط الإشارات
في الكتاب عن التعليم إلى نوعين ،الأول :أفكار
في هوامش طه حسين ،ممت ًّدا من الفصل الأول جزئية مر عليها طه حسين مرور الكرام لا تحتاج
حتى الرابع دون انقطاع ،أما الغرض الثاني: إلى متابعة ،والثاني :أفكار تمثل بذو ًرا لموضوعات
فكان ثمرة طبيعية لبحث تلك الملامح ،بحيث بحثية يمكن العودة إليها ،وأن طه حسين قد عاد إلى
أسفر ذلك البحث الواعي عن معرفة جديدة بربط بعضها.
آثار العميد بظواهر معاصرة ،وتلك غاية الغايات لكن ..لماذا لجأ أيمن بكر في هذا الفصل إلى متن
كتاب العميد وهامشه على السواء؟ مبدئيًّا يمثل
لهذا الكتاب. ذلك خرو ًجا عن السياق الموضوعي الذي حدده
لنفسه في خطة كتابه ،ولا أجد منط ًقا علميًّا في ذلك،
ولكن الحيطة والدقة اللتين أخذ بهما نفسه في هذا
الكتاب ،وما سبقه ،يدعواني إلى عدم التسرع في
إطلاق الأحكام ،ولا بد من سبب خفي دفعه إلى ذلك
الخروج ،ولا يتبقى لنا إلا سوق الأسئلة عن السبب
وفي وعينا المقاصد العليا لكتاب (هوامش العميد)،
ومن ذلك :هل تخلى بكر عن ضوابط المنهجية
المحدودة لدوافع ثقافية رآها أهم وأشمل؟ هل كانت
غاية كتاب مستقبل الثقافة في مصر في سياق كتاب
بكر تحتم عليه هذا الخروج الاستثنائي على خطته
الموضوعة بصرامة؟ وأخي ًرا وأ ًّيا كان سبب الخروج
على خطة الكتاب وسياقه الموضوعي المحدد سل ًفا،
هل هناك ما يبرر ذلك؟ الترجيحات كلها تشير إلى
أن السبب الجوهري لا يعلمه إلا الله وأيمن بكر
نفسه.