Page 28 - m
P. 28
العـدد 55 26
يوليو ٢٠٢3
والبطلان جمعهما حلم واحد فى فترة الشباب، تعريف بالروايتين محل الدراسة
وهو حماية القرية الصغيرة المنسية من عصابات
الليل .وتم تجنيدهما بالجيش في اليوم نفسه ،بل اختار عمار على حسن لرواية (زهر الخريف) ،التي
في الساعة نفسها ،والاثنان قاتلا ببسالة وشجاعة تدور أحداثها في قرية مصرية بين عامي 1967
ونال ميخائيل الشهادة فى حرب 6أكتوبر ،1973 و ،1973عنوا ًنا معب ًرا عن أحداثها ومضمونها
بينما ُفقد علي ،وظلت أسرته تبحث عنه سنوات والرسالة المبتغاة منها ،فالزهر يرمز للشخصيات
طويلة. المسلمة والمسيحية المتسامحة والمتحابة والوطنية
حتى النخاع ،أمثال على وميخائيل ورفاعى ووفاء
ونجح الكاتب في التأكيد على التلازم بين شقي
الأمة المصرية المسلمين والمسيحيين ،حيث اشتملت وجورجيت وعبد القادر شيخ الخفر ،والد على،
وونيس أبو سمعان ،والد ميخائيل ،وغيرهم،
الرواية على سرديات وحوارات بخصوص علي
وميخائيل ،تضيف جما ًل لتلك التلازمية التي تربط فجميعهم شخصيات مرتبطة بتراب الوطن كارتباط
أسرتيهما ،وتزيد من رونقها الأخلاقي والقيمي ،في الزهر بعين أشجاره ،وهى شخصيات تأخذ من
عين المتلقي ،وتؤكد أنها تلازمية دائمة بين شقي معدن الذهب بلون صفار الأزهار التى تبقى بروح
الأمة المصرية في الشدائد والأزمات ،وهي الصورة الصمود والتحدى متماسكة فى أشجارها.
التي يطمح الكاتب في عودتها مرة أخرى ،باعتبار
والخريف يرمز إلى شعور المصريين بالكآبة والعار
أن ذلك أحد أهم رسائل الرواية. عقب هزيمة 5يونيو ،1967ويرمز كذلك إلى
وجعل الكاتب من القرية في الرواية صورة رمزية
مصغرة للدولة المصرية ،وكأنه يريد أن يقول إن عصابات الليل التي تسرق مواشي الفلاحين ،في
النصر تحقق بالجيش والشعب ،وبالجهد العسكري قرية الإسماعيلية بالمنيا.
والجهد المدني. ويعبر العنوان على الحالة المستقبلية فى مصر
واستخدم الكاتب الربابة وسيرة بني هلال بتقنية بخصوص الحرب ضد إسرائيل ،حيث يأتي الربيع
بوصفه فصل الحصاد والأعياد ،ليوحى بأن فرحة
أدبية عالية ،لتحقيق الهدف منها ،وذلك بجعلها
وسيلة رمزية لبث إيحاءات بعينها ،كالشجاعة الانتصار على إسرائيل باتت وشيكة الحدوث،
والحب وغيرهما ،وبشكل يضفي طاب ًعا عاطفيًّا وستولد من رحم الحالة النفسية التى ولدتها
متماشيًا مع بكائيات الأهل والزوجة والقرية على
هزيمة يونيو.
الحبيب الغائب. واستهل الكاتب روايته بحلم مفزع ومقلق يتماشى
واستخدم الكاتب ببراعة بلاغية صو ًرا تعبيرية
وأخرى متحركة ،لإظهار الأحاسيس والمشاعر مع نبوءة موت البطل فى بعض السير الشعبية،
داخل الشخصيات في رواية أراد لها ،على ما يبدو، حيث رأت كل من أم علي وأم ميخائيل على التوازي
أن تكون «إنسانية» في المقام الأول .وساق رمزيات
كثيرة عميقة الدلالة والمعنى ،أكثرها عم ًقا ،الطفل، حل ًما يبين موت علي وميخائيل مو ًتا مأساو ًّيا.
والعصابة الفاجرة ،والخائن سيد سرحان ،فالطفل وتستمر الرواية بعرض الأحداث حيث يتعرض
يرمز لحاجة مصر لروح جديدة ،عسكرية ومدنية، أهل القرية للسطو على أيدي عصابات الليل ،بسبب
لغسل عار الهزيمة ،وهو ما تم بالفعل .والعصابة استسلام أهلها للأمر الواقع ،ويقوم بطلا الرواية
الفاجرة ترمز لإسرائيل ،وسيد سرحان يرمز علي «المسلم» وميخائيل «القبطي» ،بتوحيد صفوف
لفاروق الفقي ضابط الصاعقة المصري ،فالطفل
أشعل حماس علي وميخائيل وباقي أهل القرية. الأهالي ،لمقاومة اللصوص.
ومثلما كان الإعلام الخارجي المضاد والداخلي ورسم الكاتب بالصفات الجميلة ومسارات الأحداث
العميل يبالغ في قدرات الجيش الإسرائيلى ويجعل
الشجية لوحة أدبية قيمية لبطلى الرواية ،علي
وميخائيل ،تكشف المعدن الحقيقى للإنسان المصري
الأصيل وتشعرك بأن الهلال والصليب روح في
جسد واحد ،وتؤكد لك أن نصر أكتوبر حققه
المسلمون والمسيحيون م ًعا.