Page 32 - m
P. 32

‫العـدد ‪55‬‬   ‫‪30‬‬

                                                    ‫يوليو ‪٢٠٢3‬‬

‫المتعفنة ويختتم قوله‪ :‬كن مستع ًدا من أجل السلام‬       ‫التي تقع لكل شخصيات عمله‪ ،‬وهو المحرك لكل‬
                                  ‫والاشتراكية»‪.‬‬        ‫خيوط العمل بدون حضور شخصي منه داخل‬

    ‫قدم ماتياس فريدريش مويكي سلسلة كاشفة‬                                                     ‫العمل‪.‬‬
 ‫من المشاهد من الحياة اليومية في جمهورية ألمانيا‬    ‫واستخدم الكاتب ضمير الغائب الذي كان يعود إما‬

      ‫الديمقراطية‪ ،‬بنا ًء على تجارب سيرته الذاتية‪،‬‬   ‫إلى علي أو ميخائيل أو أي شخصية ثانوية ُذكرت‬
   ‫بصفته راو ًيا من منظور الشخص الأول‪ ،‬يروي‬             ‫في الرواية‪ ،‬وكان مطل ًعا على عواطفهم‪ ،‬وردود‬

      ‫ويرسم‪ ،‬دائ ًما مع صديقه فرانك منذ أن كانا‬       ‫أفعالهم‪ ،‬والأحداث التي تكتفنهم‪ ،‬لكنه كان أي ًضا‬
      ‫طفلين صغيرين‪ ،‬حيث كانا جيرا ًنا في عمارة‬       ‫محاي ًدا حيث لم يكن له رأي ُيذكر في متن الرواية‪.‬‬
 ‫واحده في بانكوف (أحد أحياء برلين)‪ ،‬وأي ًضا من‬        ‫كما أكد الراوي فكرة الوحدة الوطنية‪ ،‬وكان ذلك‬
  ‫خلال روضة الأطفال‪ ،‬وبيئة المعيشة‪ ،‬والإجازة‪.‬‬
                                                        ‫جليًّا في بداية الرواية من خلال اختلاف ديانة‬
              ‫‪ -2‬الشخصيات الرئيسة والثانوية‪:‬‬          ‫أبطالها‪ ،‬كما ذكر العديد من المواقف التي تنم عن‬
        ‫تتضمن رواية «زهر الخريف» شخصيتين‬            ‫تناغم الوحدة الوطنية بين أهل القرية‪ ،‬غير مهتمين‬
    ‫رئيسيتين هما ميخائيل وعلي‪ ،‬اللذين تربطهما‬       ‫بالديانة‪ ،‬فهم يمرون بظروف عصيبة أثناء الحرب‬
        ‫علاقة وثيقة للغاية منذ الصغر؛ فالعائلتان‬
   ‫صديقتان‪ ،‬وتتبادلان الزيارات باستمرار‪ ،‬وهذه‬                   ‫فالموت لا يفرق بين مسلم ومسيحي‪.‬‬
  ‫هي طبيعة الحال في القري المصرية التي لا تزال‬      ‫لم يتوقف عمار علي حسن عند هذا الحد‪ ،‬بل رسم‬
‫حتى الآن تتصف ببعض الصفات التي تميزها عن‬
  ‫أي مجتمع آخر‪ ،‬كما أن الصديقين يتشاركان في‬           ‫في عقلية المتلقي من خلال وصفه الدقيق الشامل‬
 ‫الكثير من الصفات مثل الشجاعة وحب التضحية‬                  ‫لكل الشخصيات الثانوية والرئيسة‪ ،‬النهاية‬
 ‫في سبيل الوطن والجرأة‪ ،‬فهما كانا يحرصان على‬              ‫المتوقعة لكل منهم‪ ،‬وهي أحد مصادر الجذب‬

                     ‫حماية القرية من السارقين‪.‬‬         ‫للقارئ لاستكمال قراءة الرواية بحماس‪ ،‬ودون‬
   ‫بالإضافة إلى أن شخصيتي علي وميخائيل كانتا‬                                           ‫رتابة أو ملل‪.‬‬
  ‫رم ًزا للوحدة الوطنية‪ ،‬فهما يجمعهما هدف واحد‬
    ‫ألا وهو حماية الوطن بغض النظر عن اختلاف‬           ‫أما الراوي في الرواية الألمانية فيتحدث بالضمير‬
                                                         ‫الشخصي‪ ،‬فهو أحد الشخصيات الرئيسة في‬
     ‫الديانة‪ .‬لعبت الظروف المحيطة بهما‪ ،‬ولاسيما‬         ‫الرواية‪ ،‬فيما لم يلتزم بتدريج زمني للأحداث‪،‬‬
    ‫فترة الحرب‪ ،‬التي كانت تشيع الظلام في أنحاء‬
  ‫البلاد‪ ،‬دو ًرا مه ًّما في تكوين شخصية كل منهما‪،‬‬     ‫واستخدم خاصية الاسترجاع والاستباق‪ ،‬ولكنه‬
    ‫ليسهما في الدفاع ببسالة عن الوطن واسترداد‬             ‫قسم الرواية إلى عدة مشاهد؛ منها ما يحكي‬
‫أراضيه المُحتلة بعد أن كانا يدافعان عن القرية ضد‬         ‫ذكريات الطفولة وما دار فيها‪ ،‬ومنها ما يتجه‬

                                     ‫اللصوص‪.‬‬           ‫إلى أحداث عابرة وقعت له في حياته مثل‪ :‬عندما‬
   ‫وفي «زهر الخريف» لعبت الشخصيات الثانوية‬          ‫انكسر التلفاز وتأثير غضب والدته عليه وذكريات‬
   ‫الأنثوية دو ًرا مه ًّما في تصوير شخصية الأنثى‬      ‫الحضانة‪ ،‬ثم ينتقل فجأة لسرد أحداث حدثت في‬

      ‫المصرية (الأم أو الزوجة أو المحبوبة) ومدى‬         ‫المدرسة الثانوية‪ ،‬ويعود لذكريات الطفولة مرة‬
‫احترامها وترابطها وإخلاصها للشخصية الرئيسة‪.‬‬           ‫أخرى‪ ،‬وتنتهي به الرواية وهو يتحدث عن شيء‬
‫أما الرواية الألمانية فتتضمن شخصيتين رئيستين‬
                                                        ‫لم يعرفه في طفولته بعد مرور سنوات طويلة‪.‬‬
      ‫وهما الراوي وفرانك‪ ،‬اللذين تربطهما علاقة‬          ‫نجح الراوي أي ًضا في تقديم وصف دقيق لكل‬
        ‫صداقة قوية‪ .‬ومن خلال شخصية الراوي‬            ‫شيء في تلك الفترة‪ ،‬بالإضافة الى أنه عقد مقارنة‬
                                                      ‫بين الألمانيتين‪ :‬الشرقية والغربية في ذلك الوقت‪،‬‬
 ‫انعكست معاناته أثناء فترة الحرب العالمية الثانية‪،‬‬    ‫ونجح في توصيل مدى الكراهية بين الاشتراكية‬
     ‫حيث يعيش في ألمانيا الشرقية التي لحقت بها‬          ‫والرأسمالية‪ ،‬وذلك نراه من خلال حوار المعلم‬
                                                       ‫مع تلاميذه‪« :‬ويحدثنا عن المعتدي الغربي الذي‬

                                                          ‫يمثل خط ًرا دائ ًما وعن محدودية الرأسمالية‬
   27   28   29   30   31   32   33   34   35   36   37