Page 29 - m
P. 29

‫‪27‬‬                    ‫إبداع ومبدعون‬

                      ‫رؤى نقدية‬

‫ماتياس فريدريش مويكي‬  ‫فيكتور جيرمونسكي‬              ‫منه أسطورة لا تقهر‪ ،‬كان الخائنون والجواسيس‬
                                                     ‫في القرية المنسية يبالغون في قدرات الإسرائيليين‬
‫بوصف الطريق بدقة ومنزل الجدة وانتقل لوصف‬
                ‫يومه عندما يكون في منزل جدته‪.‬‬           ‫في التأثير على معنويات الراغبين في مقاومتها‪.‬‬
                                                   ‫ولا تخلو الرواية من مضامين سياسية‪ ،‬على الرغم‬
   ‫تحمس بطل الرواية وصديقه فرانك عندما نظرا‬
  ‫إلى مشاهد الدماء والحرب في برنامج تليفزيوني‪،‬‬       ‫من أن الطابع الاجتماعي والانساني يغلب عليها‪،‬‬
  ‫وبعدما انتهي قاما بمحاكاته في الغرفة حتى وقع‬       ‫وجاءت تلك المضامين من خلال سرديات خاطفة‬
‫التلفاز وانكسر وعاقبت الأم الراوي لمدة أسبوعين‪.‬‬      ‫للذهن‪ ،‬منها سردية تقارن بين مصر في عهد عبد‬
  ‫ثم حكى الكاتب قصة مختلفة وهي عندما اشتعل‬           ‫الناصر ومصر ما بعده‪ ،‬حيث يقول‪« :‬فى عشرين‬
  ‫قبو منزل أسرة البطل‪ ،‬بينما هو وصديقه ينقلان‬
‫الفحم من الأسفل إلى الأعلى داخل الشقق‪ ،‬واضطرا‬           ‫سنة فقط نصبح معتمدين على من كانوا حتى‬
                                                    ‫الأمس القريب ينتظرون عطايانا‪ ..‬تغيرت الأحوال‪،‬‬
           ‫لكتابة تقرير يدوي سلماه إلى الشرطة‪.‬‬       ‫البلد ُتسرق‪ ،‬والحكم ُيفسد‪ ،‬والناس يلهثون وراء‬
       ‫حدثت العديد من المغامرات فيما بينهما‪ ،‬بعد‬    ‫لقمة العيش»‪ ،‬وسردية أخرى تقارن بالإيحاء بين‬
‫انفصال والد الراوي عن والدته لتعديه الدائم عليها‪.‬‬  ‫حال مصر الطبي قبل وبعد ثورة ‪ 23‬يوليو ‪.1952‬‬
 ‫وبرز لنا مشهد جديد وسيدة الطعام الثمينة ترمي‬
‫لكل منهما فرشاة وهي ممسكة بخرطوم وتأمرهما‬             ‫ومن خلال شخصية رفاعي وسردية صابر أبو‬
 ‫بغسل الصحون فيبدآن في الغسيل‪ ،‬ولكن سرعان‬              ‫أحمد‪ ،‬يكشف الكاتب خيبة أمل المصريين‪ ،‬فيما‬
                                                   ‫يتعلق بطموحات ما بعد نصر أكتوبر‪ ،‬ويؤكد صحة‬
         ‫ما تتحول الغرفة إلى مشهد رغوي خيالي‪.‬‬        ‫مقولة‪« ،‬إن الحرب يخطط لها الأذكياء ويخوضها‬
  ‫يحكي الراوي رحلته اليومية بالحافلة هو وفرانك‬       ‫الشجعان ويكسب ثمارها الجبناء»‪ ،‬فبعد النصر‪،‬‬
   ‫صديقه‪ ،‬ليصف أيام الخريف ونشاطهما في ذلك‬         ‫طبق السادات ومن بعده مبارك سياسات اقتصادية‬
  ‫الوقت‪ .‬وقام الراوي بتمزيق سلسلة علم من أحد‬            ‫صبت فى مصلحة الأغنياء‪ ،‬وابتعدت تما ًما عن‬
‫الحدود ولفها حول رقبته‪ ،‬وسحب وصديقه علمين‬
                                                                            ‫مبادئ ثورة ‪ 23‬يوليو‪.‬‬
      ‫لونهما أحمر من حامليهما‪ .‬وتدحرج رتل من‬            ‫وكان لسرديات العرافة الغجرية فوز والشيخ‬
‫الدبابات الرئيسة تجاه الراوي وفرانك‪ ،‬وساعدهما‬      ‫حسن والقسيس والولي الصالح دور كبير فى إثارة‬
                                                     ‫فضول القارىء وتشويقه وجذبه لأحداث الرواية‬
                                                    ‫حتى نهايتها وآخر كلمة فيها‪ ،‬لتحمل سردياتها فى‬
                                                    ‫طياتها نهايات مفتوحة للحبيب الغائب‪ ،‬سواء كان‬
                                                     ‫ميخائيل أو علي‪ ،‬حسب درجات الأمل والتشاؤم‪،‬‬
                                                        ‫وبما يؤكد إيمان الجميع بأن الغيب يعلمه الله‬
                                                        ‫وحده‪ ،‬وربما يشير بأن جوهر الأديان واحد‪.‬‬

                                                          ‫أما رواية «أرض لا صاحب لها» فتحكي عن‬
                                                         ‫صديقين يعرفان بعضهما منذ كانا رضيعين‬
                                                       ‫أحدهما أكبر من الآخر بثلاثة أشهر فقط‪ ،‬اتفقا‬
                                                    ‫على أنهما «إخوة بالدم يخوضان مغامرات كثيرة‪..‬‬
                                                   ‫وتعاهدا على ألا ينقضا هذا العهد أب ًدا»‪ .‬اهتم الكاتب‬
                                                   ‫بالوصف الدقيق لتفاصيل الشوارع والمشاهد حتى‬
                                                    ‫تفاصيل الألعاب الصغيرة‪ ،‬كما أتقن وصف تأثير‬
                                                     ‫الحروب‪ ،‬وشبه الصواريخ بفرقعة ألعاب الأعياد‬
                                                       ‫والأشياء ونقيضها مثل شجرة نضرة وشجرة‬
                                                         ‫محروقة على الجانب الآخر‪ .‬كما اهتم الكاتب‬
   24   25   26   27   28   29   30   31   32   33   34