Page 30 - m
P. 30

‫نجح الكاتب في التأكيد على التلازم‬

                                                    ‫بين شقي الأمة المصرية المسلمين‬

                                                    ‫والمسيحيين‪ ،‬حيث اشتملت الرواية‬

                                                    ‫على سرديات وحوارات بخصوص علي‬

                                                    ‫وميخائيل‪ ،‬تضيف جماًل لتلك التلازمية‬

                                                    ‫التي تربط أسرتيهما‪ ،‬وتزيد من رونقها‬

                                                    ‫الأخلاقي والقيمي‪ ،‬في عين المتلقي‪،‬‬

                                                    ‫وتؤكد أنها تلازمية دائمة بين شقي‬

‫عمار علي حسن‬                                         ‫الأمة المصرية في الشدائد والأزمات‪،‬‬
                                                    ‫وهي الصورة التي يطمح في عودتها‬

   ‫استمر الراوي في الحكي عن خالته التي‬                                             ‫مرة أخرى‪..‬‬
 ‫كانت تعمل في تهريب البضائع من الغرب‬
  ‫إلى الشرق‪ ،‬وكيف كانت ماهرة في عملها‪،‬‬               ‫جندي يرتدى خوذه فولاذية في النزول إلى أسفل‪،‬‬
‫والجميع يثق بها‪ ،‬وكيف كانت تحبه كثي ًرا‪،‬‬                                     ‫لينجوا من موت محقق‪.‬‬
‫وكانت تحرص دائ ًما على جلب كل ما يتمناه الراوي‬
                                                            ‫ذهب الاثنان إلى مركز الشرطة فى (برلينر‬
                             ‫من الجانب الغربي‪.‬‬        ‫شتراسه) ووجه إليهما الضابط توبي ًخا واتهمهما‬
 ‫يصف الراوي لنا شارع برلين الذي كان يمر عليه‬        ‫بالاستخفاف بالجمهورية وسرقة الممتلكات العامة‪.‬‬
                                                       ‫بعد ذلك بعام‪ ،‬تم القبض على بعض من الشباب‬
   ‫أثناء ركوبه الأوتوبيس‪ ،‬وكيف كان هذا الشارع‬       ‫من مدرسة (يوري غاغارين) الثانوية بعد أن صاح‬
‫مزدح ًما بالعمال النشيطين‪ ،‬ويصف الأسوار العالية‬
                                                         ‫الطلاب‪« :‬أعطوا السلام فرصة»‪ ،‬ووف ًقا للمادة‬
    ‫المحيطة بمصنع صناعة السجائر‪ ،‬وغرفة رجال‬          ‫(‪ )215‬من القانون الجنائي‪ُ ،‬حكم عليهما بالسجن‬
  ‫الأمن في مدخل المصنع‪ ،‬وهنا تذكر علبة السجائر‬
  ‫التي كانت في غرفة جدته حيث كان مكتو ًبا عليها‬                            ‫لمدة عامين بتهمة البلطجة‪.‬‬
‫اسم هذا المصنع‪ .‬كانت جدته تكره السجائر خاصة‬               ‫وأثناء رحلة الراوي لإحضار خالته من ألمانيا‬
‫من هذا المصنع‪ ،‬لأن صاحبه البيلاروسي تسبب في‬         ‫الغربية‪ ،‬اكتشف مكا ًنا زجاجيًّا‪ ،‬يوجد به نفق سري‬
                                                      ‫يستطيع الشخص من خلاله الذهاب والعودة من‬
                           ‫موت جده بالسرطان‪.‬‬          ‫وإلى الجانب الغربي من ألمانيا‪ ،‬بعد تقسيمها عقب‬
‫كان الراوي يعاني من فترة طفولة قاسية‪ ،‬وظهرت‬            ‫الحرب العالمية الثانية‪ .‬ويصف الراوي كيف كان‬
                                                       ‫بعض مواطني ألمانيا الديمقراطية واقفين بجوار‬
     ‫معاناته بشكل واضح مع زملائه المشاغبين في‬         ‫صديقه‪ ،‬يبكون ويلوحون ويودعون أحباءهم من‬
     ‫المدرسة‪ ،‬وأجبروه على الخوض في أعمال غير‬           ‫الغرب‪ .‬أما الراوي فقد كان فر ًحا بملاقاة خالته‬
  ‫قانونية‪ .‬وحكى الراوي أنه فى اليوم التالي لتوقف‬    ‫ذات القلب الطيب‪ ،‬القادمة من الجانب الغربي‪ ،‬حيث‬
     ‫الحرب‪ ،‬كان خائ ًفا‪ ،‬فهو ما زال في الرابعة من‬      ‫تعكس بتواضعها طبيعة وتنوع الجانب الغربي‪.‬‬
    ‫عمره‪ ،‬ويسمع صوت طلقات الرصاص‪ ،‬ويرى‬
      ‫الزجاج ينكسر حوله‪ ،‬وجند ًّيا سوفييتيًّا يقوم‬
 ‫بتفتيش منزله وينشر الرعب فيه من صياحه‪ ،‬مما‬
  ‫اضطر الطفل إلى وضع يده على أذنه كي لا يسمع‬
   25   26   27   28   29   30   31   32   33   34   35