Page 35 - m
P. 35

‫‪33‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫رؤى نقدية‬

     ‫وساق رمزيات كثيرة عميقة الدلالة والمعنى‪،‬‬                  ‫ولا يهتز لشيء‪ ،‬والآخر خجول وهش‪.‬‬
‫ليظهر من خلالها ما تعرض له الشعب‪ ،‬ورد فعل‬             ‫يقسم الصديقان بوعد شرف اللذان لا ينفصلان‬

              ‫كل الفئات تجاه أحداث تلك الفترة‪.‬‬             ‫على ترابط أبدي‪ ،‬ويسيران سو ًّيا في السراء‬
    ‫أراد عمار علي حسن أن يبرز المعنى الحقيقي‬            ‫والضراء‪ ،‬ويعيشان التعسف لنظام استبدادي‪،‬‬
   ‫للوحدة الوطنية التي كان الناس متمسكين بها‬           ‫ويصيران في النهاية مراهقين عنيدين‪ ،‬تجمعهما‬
   ‫بشدة على عكس تلك الفترة التي نمر بها الآن‪،‬‬          ‫شراهة جامحة نحو المغامرات‪ .‬ولكن الرغبة في‬
     ‫والمحاولات التي تقع للتشتيت والتفرقة بين‬           ‫الحرية وعدم التطابق تجعل مصيرهما شؤ ًما‪،‬‬
 ‫أبناء الأمة‪ ،‬وأظهر الكاتب لنا روح البسالة وحب‬
                                                                              ‫وتؤدي بهما إلى كارثة‪.‬‬
      ‫التضحية فداء أرض الوطن لتحقيق النصر‬                 ‫بهذه الطريقة‪ ،‬يلفت الكاتب انتباه القارئ إلى‬
‫المرغوب وطرد المعتدين خارج الأراضي المصرية‪.‬‬                ‫أشياء مثيرة للاهتمام تتمحور حول الحياة‬
                                                        ‫اليومية في جمهورية ألمانيا الديمقراطية في ذلك‬
      ‫هنا نرى اتفا ًقا واض ًحا بين هدف كل كاتب‬       ‫الوقت‪ ،‬حيث انقسام ألمانيا إلى شقين منفصلين في‬
      ‫بطريقته الخاصة‪ ،‬وهو أمر يرسخ في ذهن‬              ‫الشرق والغرب‪ ،‬والمعاناة التي كان يتعرض لها‬
‫المتلقي‪ ،‬لاسيما في ظل استحضار تلك الفترة‪ ،‬وما‬
    ‫حدث فيها من حرب وقهر‪ ،‬أثرت على المجتمع‬                                                  ‫الشعب‪.‬‬
                                                                ‫واعتمد الكاتب هنا على تقنية الاستباق‬
                                        ‫برمته‪.‬‬         ‫والاسترجاع بشكل ملحوظ‪ ،‬وكان ذلك جليًّا في‬
                                                       ‫نهاية الرواية‪ ،‬فكان يتنقل بين مشهد وآخر‪ ،‬ما‬
               ‫خاتمة‪:‬‬                                   ‫كان يسبب بعض الغموض إلى حد ما‪ ،‬ويجعل‬
                                                          ‫المتلقي منتب ًها لكل ما يحدث‪ ،‬ويكون عليه أن‬
   ‫تناولت روايتا «زهر الخريف» للكاتب المصري‬          ‫يربط الأحداث ببعضها حتى يكتمل فهمه للرواية‪.‬‬
  ‫عمار علي حسن و»أرض لا صاحب لها» للكاتب‬
   ‫الألماني ماتياس فريدريك مويكي مظاهر القمع‬                                ‫‪ -6‬مقصدية الروايتين‪:‬‬
   ‫والمعاناة في فترتين مختلفتين‪ ،‬وو َّضحتا ال َّدور‬   ‫وجه الكاتب الألماني اهتمامه نحو ترسيخ ذكرى‬
                                                       ‫الحرب العالمية الثانية في أذهاننا ونفوسنا‪ ،‬فهي‬
     ‫الأبرز للشعوب التي زامنت سنوات الحرب‪،‬‬             ‫من أصعب الفترات التي تأثر بها العالم وليست‬
 ‫وطرحتا عد ًدا واس ًعا من الأفكار التي تم تداولها‬      ‫فقط ألمانيا‪ ،‬وكان دائم الإشارة إلى ما تعرض له‬
‫بين الناس‪ ،‬في مصر وألمانيا‪ ،‬خلال هذه السنوات‪،‬‬
                                                        ‫الشعب من قمع وذل وعدم مساواة‪ ،‬بالإضافة‬
   ‫وهما تساعدان الأجيال القادمة في التع ُّرف على‬           ‫إلى تسليط الضوء على معاناة الأطفال آنذاك‬
      ‫طبيعة الحياة أثناء الحرب‪ ،‬وكيفية مواجهة‬             ‫خاصة في ألمانيا الشرقية‪ .‬كان ينقل إلينا من‬

‫المصاعب التي تترتب عليها بطرق مختلفة‪ ،‬وكيف‬           ‫خلال عمله فترة تاريخية وقف لها العالم بأكمله‪،‬‬
   ‫يمكن للشعوب أن تقاوم آثار الحزن والخوف‬             ‫مبينًا ذلك في أدق التفاصيل‪ ،‬حيث غيرت الحرب‬
   ‫والمعاناة التي تصاحب الحرب‪ ،‬أ ًّيا كان وقتها‪،‬‬      ‫البنية الاجتماعية في العالم كله وأدت إلى خسائر‬
  ‫وأ ًّيا كان مكانها‪ ،‬في الشرق أو في الغرب‪ ،‬وهذه‬      ‫جسيمة على كافة المستويات‪ .‬ونقل لنا كيف كان‬
            ‫إحدى المهام الأساسية للأدب المقارن‬
                                                         ‫الخوف والدماء والأعمال غير القانونية شيء‬
                   ‫هامش‪:‬‬                                                        ‫معتاد في تلك الفترة‪.‬‬

   ‫‪ -1‬بحث تخرج شارك فيه الطلاب‪ :‬منة الله سامح‬         ‫في المقابل كانت أفكار الكاتب والروائي عمار علي‬
‫كمال‪ ،‬نوران أحمد عبد العظيم أحمد‪ ،‬منار علاء الدين‬    ‫حسن تدور حول الأمر نفسه‪ ،‬حيث القمع والظلم‬

    ‫محمد‪ ،‬منار جمال عبد الله‪ ،‬يوسف صابر حسن‪،‬‬            ‫الذي تعرض له الشعب المصري في الفترة بين‬
‫أحمد يسري عبد المنعم السيد‪ ،‬فاطمة محمود إبراهيم‪،‬‬     ‫حربي ‪ 1967‬و‪ .1973‬وجعل الكاتب من القرية فى‬

 ‫كلية الألسن‪ ،‬جامعة عين شمس‪ ،‬قسم اللغة الألمانية‪،‬‬      ‫الرواية صورة رمزية مصغرة للدولة المصرية‪،‬‬
                                           ‫‪.2022‬‬
   30   31   32   33   34   35   36   37   38   39   40