Page 37 - m
P. 37

‫‪35‬‬          ‫إبداع ومبدعون‬

            ‫رؤى نقدية‬

                                                                    ‫على الأرض‪ ،‬يغويه عن‬

                                                                    ‫عبادة الله‪ ،‬يبين نوازعه‬

                                                                    ‫الشريرة‪ ،‬ويوقعه في‬

                                                                    ‫الغواية‪ ،‬الشيطان شخصية‬

                                                                    ‫درامية بكل المقاييس‪،‬‬

                                                                    ‫هو أول من قال لا‪ ،‬فكان‬

                                                                    ‫الرفض والتمرد‪.‬‬

                                                                    ‫«فاوست» هي الرواية‬

                                                                    ‫الأشهر التي تؤكد بيع‬

                                                                    ‫الإنسان نفسه للشيطان‪،‬‬

                                                                    ‫وقد استثمرت السينما‬

                                                                    ‫الأمريكية هذه الرواية‪،‬‬

                                                                    ‫فقدمتها في طبعات‬

                                                                    ‫سينمائية مختلفة‪ ،‬كل‬

                                                                    ‫حسب رؤية مخرجها‪ ،‬قدم‬

‫يوسف زيدان‬  ‫نجيب محفوظ‬                              ‫ميخائيل باختين‬  ‫أحد الأفلام الشيطان الذي‬
                                                                      ‫يقتحم حجرة نوم رجل‬

    ‫وتفوح من مغامراتهم رائحة الدم والموت‪ ،‬وقد‬       ‫وامرأة‪ ،‬فيواقع المرأة لتحمل من نطفته شيطا ًنا‬
  ‫تحولت الرواية إلى أكثر من نسخة سينمائية منذ‬        ‫صغي ًرا‪ ،‬يذيق الأم والأب ويلات من أفاعيله‪ ،‬بينما‬
                                                    ‫نجد فيل ًما آخر يتبنى فيه الأبوان الطفل‪ ،‬ويرحلا به‬
                                    ‫عام ‪.1985‬‬       ‫إلى مكان آخر‪ ،‬يمارس فيه الشيطان الابن دور أبيه‬
  ‫ثم تأتي رواية «عزازيل» للروائي يوسف زيدان‪،‬‬
  ‫أي الشيطان الذي كان يملي على الراهب المصرى‬                        ‫الحقيقى!‬
   ‫«هيبيا» رقائقه‪ ،‬ويردد عبارته على «هيبتيا الذي‬
                                                    ‫من الصعب نسيان دور روبرت دى نيرو في فيلم‬
                             ‫يأتيك منك وفيك»‪.‬‬
‫عشرات الروايات يعد الشيطان قاس ًما مشتر ًكا في‬      ‫«قلب ملاك» (عام ‪ ،)1987‬وبعد عشر سنوات‬

   ‫عنواناتها‪ ،‬إلا أن حجاج أدول لا يساير هذا‪ ،‬بل‬     ‫يقدم الممثل القدير آل باتشينو دوره الرائع في فيلم‬
‫يختار لفظ «زلنبح» الذى حاولت أن أرجعه لأصله‬
                                                    ‫«محامى الشيطان» (‪ .)1997‬الفيلم مأخوذ عن‬
                  ‫بالبحث في القاموس‪ ،‬فلم أجد!‬
  ‫«زلنبح» رواية يحفل متنها بالمفاجآت والفانتازيا‬    ‫رواية الكاتب أندرو تيدمان‪ ،‬ومن إخراج تايلور‬

       ‫والغرائبية والأسطورة‪ ،‬فض ًل عن اللمحات‬       ‫هاكفورد‪ ،‬وبطولة كيانو ريفرز وآل باتشينو‬
 ‫الواقعية‪ .‬ثمة البنية الواقعية الثابتة‪ ،‬كلما أمسكت‬
                                                                    ‫وتشارلز ثيرون‪.‬‬
   ‫بملمح واقعى‪ ،‬يتفلت منك متج ًها وجهة أخرى‪،‬‬
  ‫فالتناقضات تقف بالمرصاد لهذا الملمح‪ ،‬منتصرة‬       ‫أثارت شخصية الشيطان خيال الكتاب لتمردها‪،‬‬
 ‫للغرائبى والفانتازى‪ ،‬إنها رؤية الكاتب لهذا العالم‬
                                                    ‫ورفضها‪ ،‬وتعاليها‪ ،‬وغموضها‪ ،‬منذ أن قدمت‬
   ‫الذى تلاشت فيه الحدود والمسافات‪ ،‬فهل نحن‬
‫نعيش في الواقع‪ ،‬أم نؤطر الواقع لصالح الغرائبي؟‬                      ‫الدراما اليونانية أهم الشياطين وأطيبهم‬

  ‫هل فقدنا السيطرة على الواقع‪ ،‬فرحنا نبحث عن‬        ‫«برومثيوس» الذى ثار على جوبتر رب الأرباب عند‬
   ‫ذواتنا السابحة في اللاواقع؟ هل صار الإنسان‬
                                                    ‫اليونانيين»‪ ،‬فقدم «بروموثيوس المصفد» جالب‬

                                                    ‫النار إلى البشر‪ ،‬فكانت أصل الحضارة الإنسانية!‬

                                                    ‫ومن أشهر الشياطين شيطان مالتون في «الفردوس‬

                                                    ‫المفقود»‪ ،‬ويكتب بافيزه رواية صدرت في عام‬

                                                    ‫‪ 1948‬عن مجموعة من الفتيان فى مرحلة الانتقال‬

                                                    ‫من الصبا إلى الشباب‪ ،‬حيث تلعب الغرائز دورها‪،‬‬
   32   33   34   35   36   37   38   39   40   41   42