Page 41 - m
P. 41

‫‪39‬‬             ‫إبداع ومبدعون‬

               ‫رؤى نقدية‬

                                                               ‫من شره‪ ،‬لا يعترف بالخطأ‬
                                                                    ‫أو العقاب‪ ،‬أو الصفح‬
                                                                                ‫والمغفرة‪.‬‬

                                                               ‫البنية الروائية‬

                                                               ‫تقع الرواية في ‪244‬‬

                                                               ‫صفحة من القطع المتوسط‪،‬‬

                                                               ‫تنقسم إلى فصول تبلغ‬
                                                               ‫واح ًدا وعشرين فص ًل‪،‬‬
                                                               ‫تتراوح ما بين صفحتين‪،‬‬

                                                               ‫وثماني عشرة صفحة‪،‬‬

                                                               ‫غالبية العناوين بسيطة‬

                                                               ‫سهلة‪ .‬إما جملة تؤكد على‬

                                                               ‫حالة كما في فصل «البشر‬

‫روبرت دي نيرو‬  ‫تزفيتان تودوروف‬                     ‫آل باتشينو‬      ‫وبينهم الظلم الأزلي»‪،‬‬
                                                               ‫«الربوة العالية وعيد ألعاب‬

                                                               ‫الشياطين»‪ ،‬و»معركة‬

‫القيمية‪ ،‬لإعادة اكتشاف علة الخليقة‪ ،‬بدون أن يغلب‬   ‫انتصار البشر على الشياطين»‪ ،‬و»طاسة الزيت‬
   ‫المنظور الديني أو المنظور العلمي‪ ،‬فهو ينطلق من‬
  ‫المنظور الديني المسلم به‪ ،‬كون آدم خلق في الجنة‪،‬‬  ‫المغلي»‪ ،‬و»زلنبح ومقتل حفيدته حوحو»‪ ،‬و»الأخوة‬
    ‫وتبع غرائزه‪ ،‬وأكل من الشجرة المحرمة‪ ،‬فطرد‬
                                                   ‫بافلو»‪ ،‬و»آلام الذات»‪ ،‬وينتهي بـ»رحلة المسامحة»‪،‬‬
 ‫هو وحواء من الجنة‪ .‬هل الحياة هي العقاب الإلهى‬
                    ‫للإنسان على معصيته الأولى؟‬     ‫الفصل الأخير من الرواية‪ .‬هذه عناوين جملة‬

‫الشياطين يتركون الشجرة لتذكر الإنسان بخطيئته‬       ‫إسمية‪ ،‬ثم عناوين جملة فعلية مثل «نفي زلنبح»‪،‬‬
       ‫الأولى‪ ،‬وكأن الخطاب هنا يمازج بين الزمن‬
                                                   ‫«قتل الفتى الطيب»‪« ،‬حرق قصر الأصفهانى»‪،‬‬
‫الملحمي في خطه البطولي المتباعد‪ ،‬والذي يتيح رؤية‬
   ‫الماضي في ضوء المستقبل‪ ،‬والزمن الروائي الذي‬     ‫«انتهاك ظريفة»‪ ،‬أو اسم واحد كما في فصل‬
 ‫يظل مشر ًعا على المستقبل‪ ،‬متأرج ًحا في ماضويته‪،‬‬
                                                   ‫«مريمية»‪ .‬وكما أشرنا‪ ،‬فإن السرد يأخذ من ًحى‬
‫مفس ًحا الحركة والتمدد للخطاب السردي‪ ،‬كما يرى‬      ‫خطيًّا متصاع ًدا نحو النهاية‪ ،‬إلا أن ثمة اختصارات‬
                                        ‫باختين‪.‬‬    ‫زمنية تؤكد على السرد‪ ،‬ممت ًدا لأجيال‪ .‬فالاختصار‬
                                                   ‫قد يكون أيا ًما أو أسابيع أو سنوات‪ ،‬وكلها مرتبطة‬
  ‫لدينا في البداية حكاية الإطار‪ ،‬تمهد الطريق لنسج‬    ‫بإنشاء قرية ضرغام‪ ،‬وملحمته في إعمار الأرض‬
    ‫الأسطورة والغرائبية‪ ،‬ثم حكايات أخرى تنسل‬
                                                   ‫الصحراوية القاحلة المهجورة‪ ،‬فكرة إعمار الإنسان‬
  ‫من رحم هذه الحكاية الأم‪ .‬وإذا كانت «رحلة ابن‬
   ‫فطومة» لنجيب محفوظ تحمل تيمة البحث‪ ،‬لماذا‬       ‫للأرض‪ ،‬فكرة سيقوضها‪ ،‬أو سيحاول زلنبح‬
‫تخلفت الحضارة العربية الإسلامية عن الحضارات‬
  ‫الأخرى‪ ،‬وأسلمت قيادها للعالم الغربي‪ ،‬والكشف‬      ‫تقويضها بألاعيبه‪ ،‬فيخرب بيت ضرغام ذاته‪،‬‬
    ‫عن خطايا هذه الحضارات‪ ،‬فإن رحلة «زلنبح»‬
    ‫لكشف مدى ما وصلت إليه الإنسانية من تهرؤ‬        ‫يخطف الزوجة التي ترضى معاشرته خو ًفا على‬

                                                   ‫ابنتها‪ ،‬يذوي جسدها‪ ،‬وتهمد روحها‪ ،‬ويذهل عقلها‪،‬‬

                                                   ‫وتتوالى المآسي على الأسرة‪ ،‬بل على أهل القرية‬

                                                               ‫جمي ًعا‪.‬‬
                                                   ‫إن الخطاب الروائي في رواية «زلنبح» يعتمد على‬

                                                   ‫استحضار ما هو ماضوي‪ ،‬والبحث في مدلولاته‬
   36   37   38   39   40   41   42   43   44   45   46