Page 45 - m
P. 45
43 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
بريئة .فالكلمات لها ذاكرة
ثانية تمتد في ديمومة ما
بالشكل الذي يصبح فيه
الكاتب سجين كلمات
الغير وسجين كلماته
أي ًضا( .)6بل ومن النقاد
من يوسع دائرة النص
بالشكل الذي يصعب معها
استكشاف العالم النصي
من دون وضعه في إطار
بنية (سوسيو -نصية)
أكبر ،سواء على مستوى
وعي الكاتب بنصه أو
على مستوى وعي القارئ
به( .)7ففي كل عمل أدبي
جاك دريدا جابرييل جارثيا ماركيز ألان روب غرييه “ثمة عناصر غائبة من
النص وهي على قدر كبير
في توسعة حقل التناص متجاو ًزا حدوده وعلاقاته من الحضور في الذاكرة الجماعية لقراء عصر
في مرحلته الجنينية التي اقتصرت على العلاقة ما
بين نصين أدبيين ،ونقد المصادر التي وظفها نص معين ،إلى درجة أننا نجد أنفسنا عمليًّا بإزاء علاقة
أدبي عبر (الاستشهاد ،الإحالة ،السرقة ،التلميح) حضورية”( ،)8بحسب تودوروف.
وغيرها من أنماط التناص الأخرى ،إلى البحث لقد اهتم العديد من النقاد بمصطلح (التناص):
عن الكيفية الإدماجية للنصوص السابقة في نص
مفهومه ،أنواعه ،آلياته ،وأشكال علاقاته التناصية
لاحق ،أي ما يصطلح عليه (علاقات الاشتقاق)
وهما( :المحاكاة الساخرة والتحريف الهزلي أو ًل، بعدما أطلقته (جوليا كريستيفا) في أبحاثها (من
والمعارضة ثانيًا)( .)12كما توسعت دائرة التناص
لتشمل أنوا ًعا أخرى نصية وعبر نصية ،أدبية وغير أجل تحليل سيميائي) 1969و(نص الرواية)
أدبية ومنها التشكيل والمسرح والسينما والصحافة
وغيرها ،متداخلة وظيفيًّا مع أجزاء النص ،متحولة 1976متأثرة بحوارية باختين ونظرية موت
المؤلف لبارت( )9ليح َّل القارئ بدي ًل له في لعبة
في نسيجة بدرجة يصعب معها تمييزها(.)13
“وهكذا فالتناص بالمفهوم الحديث لا يعني مجرد الاستهلاك والإنتاج بوصفه الفاعل الأكثر تأثي ًرا
في العملية الإبداعية وفقا لمثلث الابداع (المؤلف،
اجترار للنصوص المقتبسة أو امتداد أفقي لها،
وإنما يقوم أص ًل على فتح حوار مع النص المقتبس، النص ،القارئ) ،وحل الإشكالية الجدلية لسؤال
بهدف توظيفه وإعادة إنتاجه ،ربما برؤية مختلفة مركزي وهو :هل أن التناص ظاهرة كتابية أو أثر
قد تنتهي به حد المفارقة”( .)14وبكلمات أخرى
بوسعنا استعارة رؤية لوران جيني في تحديد ناتج عن القراءة؟ فكان أن توالت الأبحاث المرتبطة
وظيفة التناص بوصفه“ :عمل يقوم به نص
بهذا المفهوم على الرغم من تعدد مسمياته واختلاف
مركزي لتحويل عدة نصوص وتم ُّثلها ،ويحتفظ
حدوده بين النظرية والتطبيق ،فهو تخارج نصي
لدى (يوري لوتمان) وتحويل أو تمثيل عند (لوران
جيني) ،أما (جيرار جنيت) فقد أطلق عليه تسمية
التعالي النصي أو التداخل النصي( ،)10على سبيل
المثال لا الحصر.
لقد ساهمت دراسات ما بعد الحداثة وما بعدها ،أي
(الحداثة الجديدة) كما تصطلح عليها هيتشيون(،)11