Page 48 - m
P. 48
يوري لوتمان لقد ساهمت دراسات ما بعد الحداثة
وما بعدها في توسعة حقل التناص
أشكال التفاعل النصي متجاوًزا حدوده وعلاقاته في مرحلته
الجنينية التي اقتصرت على العلاقة ما
بين نصين أدبيين ،ونقد المصادر التي
وظفها نص أدبي عبر (الاستشهاد،
الإحالة ،السرقة ،التلميح) وغيرها من
أنماط التناص الأخرى ،إلى البحث عن
الكيفية الإدماجية للنصوص السابقة
في نص لاحق..
هناك العديد من التقسيمات التي لتعرض مشه ًدا للعناصر الأولية التي بنيت عليها
لجأ لها النقاد في دراسة أشكال الرواية ،ومدخ ًل موج ًها وكاش ًفا للحدث عبر
التفاعل النصي ،ومعظمها يقترب من تقسيمات
يقطين في كتابه (انفتاح النص الروائي) وبعضها مساراته السردية المتشعبة التي قد تعتمد التتابع
يأخذ مسا ًرا مختل ًفا ،نو ًعا ما ،في رسم حدود الكرونولوجي ،أو تحريف زمن الرواية بفاعلتي
كل شكل من الأشكال .لقد ميَّز يقطين بين ثلاثة
أنواع من التفاعلات النصية وهي( :التفاعل النصي الاسترجاع والاستشراف أو من خلال تقطيع
الذاتي ،والتفاعل النصي الداخلي ،والتفاعل النصي أوصاله عبر مشاهد تتطلب قار ًئا فطنًا يلملم نسيج
الخارجي)( .)31يشير النوع الأول إلى «العلاقات
التي تعقدها نصوص الكاتب مع بعضها ،إن كان الحكاية ويعقد ما تباعد من حلقاتها وين ِّظمه في
على الأسلوب أو على مستوى تقاطعات الموضوعات مكانه الصحيح .كل ذلك استدعى الغلاف بوصفه
والرؤى والأفكار التي تعبر عن هاجس الروائي ن ًّصا مواز ًيا متعال ًقا مع المتن الروائي ونافذة يطل
وموقفه من العالم ،لا بل تتعداها إلى الشخصيات
منها القارئ على عوالم النص .أما إذا تفحصنا
التي تجسد رؤاه ،وإلى اللغة التي تعبر بها دالة العنوان في الرواية؛ فإنها تحيل القارئ إلى
الشخصيات عن تلك الرؤى»( .)32أما التفاعل استحضار أدواته القرائية في التعامل مع متن نصي
النصي الداخلي فهو بحسب (يقطين) ،دخول نص ُصنف جنسه بانتمائه إلى الرواية تحدي ًدا ،مما
الكاتب في علاقة تفاعل مع نصوص معاصرة يتطلَّب وعيًا خا ًّصا بحدود هذا الجنس ،يتباين من
لنصه (أدبية وغير أدبية) .في الوقت الذي يدل فيه قارئ لآخر ويختلف ،بالتأكيد ،فيما إذا كان جنس
التفاعل النصي الخارجي على علاقة التفاعل ما الكتاب قصة قصيرة أو شع ًرا على سبيل المثال،
بين نصوص الكاتب مع نصوص ُكتَّاب ظهرت في فلكل جنس عدة قراءة خاصة يتم استحضارها
بشكل وا ٍع أو غير وا ٍع قبل الولوج إلى عالم النص.