Page 36 - m
P. 36

‫العـدد ‪55‬‬   ‫‪34‬‬

                                                  ‫يوليو ‪٢٠٢3‬‬

‫د‪.‬زينب العسال‬

‫رواية «زلنبح»‪ ..‬لحجاج أدول‪..‬‬
‫الإنسان وقوى ما وراء الطبيعة!‬

‫حجاج أدول يتمسك بالمحبة والسلام‪ ،‬تيمة التمرد على بطش السلطة‬
‫الطاغية‪ ،‬وضرغام‪ /‬مكين نموذج لهذا التحدى‪ ،‬فالبداية هي الإنسان‬
‫معمر هذه الأرض‪ ،‬يحدد أدول الصراع‪ ،‬فهو ليس صرا ًعا قو ًّيا‪ ،‬لكنه‬
‫صراع طبقي بين الفقراء المعدمين‪ ،‬وبين الأغنياء ملاك الأرض‪ ،‬الفقراء‬
‫يصورهم عبي ًدا ُيجلدون بالسياط‪ ،‬و ُيسحلون‪ ،‬والمزارعون محشورون‬
‫في بيوت حقيرة كالجحور‪ ،‬والأغنياء يعيشون في القصور‪ ،‬الصراع‬
‫الطبقي بين الفقراء والأغنياء خلق طبقة أخرى انتخبت من الفقراء‪ ،‬هم‬
‫الخفراء‪ ،‬ضرغام يصير رم ًزا بعد أن نال عقابه علي أيدي الخفراء‪ ،‬لا‬
‫يتخلي عن حلمه في إقامة مدينة الكل فيها سواسية‪ ،‬ينعمون بالخير‬
‫الذي يزرعونه بأيديهم‪.‬‬

‫«النوبة»‪ ،‬لكن خاب ظنى‪ ،‬فالرواية تنطلق من منطقة‬        ‫يرى تودوروف أن الحكى هو الحياة‪ ،‬بينما‬
 ‫شبيهة في جغرافيتها‪ ،‬وتستلهم بعض تقاليد أهلها‪،‬‬
                                                   ‫الحركة هي ايقاعها‪ ،‬حين تلجأ الرواية إلى تضمين‬
  ‫وإن لم يصرح السرد بذلك‪ ،‬بينما مضمونها ‪-‬إن‬       ‫الميتافيزيقا كجزء أصيل من بنائها السردى‪ ،‬مازج ًة‬
     ‫جاز لنا أن نطلق لفظ مضمون‪ -‬يختلف تما ًما‪.‬‬
                                                      ‫بين الواقعية والعجائبية‪ ،‬والجنوح إلى الواقعية‬
‫يتسع الخطاب السردى في رواية «زلنبح» فيتخطى‬          ‫السحرية‪ ،‬هادف ًة إلى تقديم رؤية خاصة للوجود‪.‬‬
     ‫التاريخ والنوبة بموروثها وتراثها‪ ،‬يحدثنا عن‬
                                                    ‫هذا ما قدمه حجاج أدول في روايته «زلنبح» التى‬
‫منطقة ليست بعيدة عن النيل‪ ،‬تتسع الرؤية فتشمل‬       ‫تمثل جد ًل بين ما هو موروث‪ ،‬وتاريخي‪ ،‬وديني‪،‬‬
     ‫البشرية والخلق والصراع الأزلي بين الإنسان‬
                                                    ‫وبين موقف متمرد صار مقد ًسا لا يجب المساس‬
‫وأخيه الإنسان‪ ،‬والإنسان والطبيعة‪ ،‬والإنسان وما‬    ‫به‪ .‬وهو ما جعل أدول يوظف عوالم الرواية لصالح‬
    ‫وراء الطبيعة‪ ،‬ويكون الصراع أكثر تحدي ًدا بين‬
                    ‫الإنسان والشيطان‪ ،‬أو الجن‪.‬‬       ‫نظرته الخاصة للعالم منذ بداية الخليقة‪ ،‬وتطور‬

     ‫هل «زلنبح» جن أو شيطان؟‬                      ‫الصراع الإنساني مع عوالم غيبية‪ ،‬ألبسها قوة عبر‬

   ‫الشيطان هو «الآخر» الذي ُخلق ليتعقب الإنسان‬      ‫الطقوس‪ ،‬والتراث‪ ،‬والمأثور‪ ،‬والأساطير‪ .‬وبالطبع‬

                                                         ‫واقعية تقترب بشدة من الواقعية السحرية‪.‬‬

                                                     ‫ظننت أن رواية «زلنبح»‪ ،‬تتناول منطقته الأثيرة‬
   31   32   33   34   35   36   37   38   39   40   41