Page 33 - m
P. 33
31 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
أساليبهما ،ومقدرتهما الاستيعابية في إنتاج طرائق الفوضى ،وقلة الإمدادات .وزدات معاناته أثناء
سرد جديدة ،حيث القصص الجانبية ،والتحليلات هجوم أحد الجنود على شقته.
النفسية ،والرؤى الفلسفية وغيرها. من هنا يبدأ الصراع الداخلي والمتمثل في إحساسه
يقدم الحوار في الروايتين عدة أشياء مهمة، الدائم بالخوف ،أما الصراع الخارجي فجاء متمث ًل
تزيد من قدرتهما الإبداعية .على سبيل المثال: في زملائه المشاغبين في المدرسة ،إذ تورط معهم في
يع ِّرف القارئ بشخصيات الرواية ،ويكشف عن أعمال غير قانونية ،لاسيما بعد تحريض المعلم لهم
أسرارها وطبائعها ،وطرق تفكيرها ونواياها ،كما
يكثف الحبكة بشكل ملحوظ ،حيث يتجلى في رواية على تشجيع الاشتراكية.
زهر الخريف من خلال الحوار الدائم بين مختلف كان الراوي تاب ًعا لصديقه فرانك في كل ما يقوم
الشخصيات الذي كان يثرينا بمعلومات كافية
لتساعدنا في فهم الأحداث .وكأن المتلقي جز ًءا من به من أعمال ومغامرات .ورغم اختلافه معه
الرواية .وجاء ذكر المعلومات والتواريخ بعي ًدا عن فيما يخص الأعمال غير القانونية التي قد تجلب
تلقينها المباشر للكاتب ،حيث كانت تنقل على لسان
المشاكل ،فإنه كان يسايره في أشياء كثيرة.
الشخصيات المتحاورة. والشخصيات الثانوية في الرواية ،تتمثل في الأم
ولعب عنصر الحوار في الرواية الألمانية دو ًرا مه ًّما التي تأثر بها الراوي إثر تعلقه بها ،وقربه منها.
من خلال منح استراحة لعين القارئ ،وإزاحة ملل
وهناك شخصية الأب التي كانت تمثل تهدي ًدا
الكتابة السردية .كما كان الحوار يتضمن ح ًّسا واض ًحا له ،فكان هو وأمه يرونه وح ًشا متجس ًدا
عفو ًّيا موج ًزا.
في شكل إنسان ،وذلك بسبب تعديه الدائم على
والحوار في رواية «زهر الخريف» كان دافئًا الأم ،حتى تم إلقائه فى السجن ذات مرة .كان الأب
وكأن الكاتب يريد أن يجعلنا نشعر بمدى الترابط يثير الرعب في نفس الراوي ،ويشكل أزمة نفسية
والوحدة بشكل غير مباشر ،موج ًها اهتمام لبيان
تصاحبه فى كل وقت.
سمات أهل القرية وعفويتهم أثناء الحديث ،أما هناك أي ًضا زملاؤه المشاغبون ،الذين كانوا
في رواية «أرض لا صاحب لها» فمال الحوار إلى يقحمونه هو وفرانك في أمور غير قانونية،
الغموض أحيا ًنا ،وأحيا ًنا أخرى كان يكشف ستار وعمته التي كانت تعمل مهربة بضائع من ألمانيا
الغموض والإبهام عن حدث ما ،وهذا التنوع كان الغربية إلى ألمانيا الشرقية ،وكانت تغمره بحبها
وعطفها وتلبي كل طلباته ،حيث ته ِّرب له ما يشاء.
مثي ًرا للاهتمام نو ًعا ما. وتوجد شخصية المعلم الذي كان يقنعه بالنظام
-4الفضاء الزماني والمكاني:
الاشتراكي.
أو ًل -الزمن: وهذه السطور تكشف لنا مدى التشابه الواضح
يمثل الزمن عنص ًرا أساسيًّا من العناصر التي بين شخصيات الرواية العربية والألمانية ،حيث
تقوم عليها الرواية بوجه خاص ،حيث لا يمكن
تصور رواية جرت أحداثها خارج قالب زمني ارتباط الشخصيات الرئيسية ببعضها البعض
يجعلنا ندرك الحقبة التي دارت فيها الأحداث. تراب ًطا وثي ًقا إلى أبعد حد ،وظهر ذلك فى حب
وللزمن أهمية كبيرة في العمل الأدبي خصو ًصا كل منهم للمغامرة ومشاطرة الآخر فى السراء
جنس الرواية فهو يوطد الحدث ،ويبعث مدلو ًل والضراء والخوف على ذويهما وذكريات الطفولة.
واض ًحا لمعنى الرواية ،ويرتبط بالحياة أي ًضا؛ لأن كما أن التشابه طال الشخصيات الثانوية أي ًضا،
حيث كانت تصدر ردود أفعال ،وتفتعل مواقف
الحياة تسير وفق تسلسل زمني. كان يتردد صداها ليؤثر بشكل ما على الحبكة
وفي كل من الرواية العربية والرواية الألمانية لعب
الموجودة بداخل الراوية ،وتطرح نو ًعا من
عامل الزمن دو ًرا مه ًّما بشكل ملحوظ من قبل التساؤلات في ذهن المتلقي.
المتلقي فكان هناك تنوع زمني بين ليل ونهار، -3الحوار:
تمتاز كل من الروايتين العربية والألمانية بتعدد