Page 22 - m
P. 22
العـدد 56 20
أغسطس ٢٠٢3
د.فاطمة الزهراء العسالي
(المغرب)
تجليات الحداثة وما بعد
الحداثة في «قصيدة النثر»
مرحلة ما بعد الحداثة وتجلياتها في قصيدة النثر تشكل علامة فارقة
في حياة الشعر؛ ذلك أن التحولات التي شهدها المشهد الاقتصادي،
والاجتماعي ،والسياسي ،والثقافي في العالم من علاقات معقدة ومتداخلة
فيما بينها ،ومنجم من التناقضات والمتنافرات ،وخلاصة لمشاحنات
ومعارك فنية أدبية؛ أدت إلى بروز شكل شعري جديد سمي «قصيدة
النثر» باعتباره نتا ًجا لإلغاء الحدود بين الأجناس الأدبية شعر /نثر،
متجهة نحو التميز بشكلها ولغتها التي استطاعت كسر الحواجز النوعية
ليصبح مألو ًفا أن تحل الشعرية في نصوص نثرية ،وأن تحل النثرية في
نصوص شعرية.
الإشعاعات البراقة المسلطة عليها آتية من قناعات قبل الحديث عن علاقة ما بعد الحداثة بقصيدة
كثيرة ومهمة»()1؛ منها ما يربط هذا المصطلح
النثر ،تجدر الإشارة إلى أن فكر وفن ما بعد
بالمذهب الفكري الغربي ،ومنها ما يربطه بالتراث الحداثة قد أخذ تسميته من كلمة «الحداثة» اشتقا ًقا
العربي.
وفك ًرا .فهو يحيل من ناحية الاشتقاق على مرحلة
ويعتبر الدكتور محمد برادة من بين النقاد العرب بعدية تالية للحداثة؛ هي مرحلة تاريخية محددة
الذين أثاروا قضية تأثير الأدب الغربي على الأدب من أشكال الثقافة المعاصرة المختلفة ك ًّما وكي ًفا
العربي حيث يقول« :الحداثة مفهوم مرتبط أسا ًسا من ناحية الفكر والفن ،عن الحداثة العالمية عامة
بالحضارة الغربية وبسياقاتها التاريخية ..إن والحداثة العربية خاصة.
الحديث عن حداثة عربية مشروطة تاريخيًّا بوجود هذا المصطلح «الحداثة العربية» الذي يثير قضية
سابق للحداثة الغربية ،وبامتداد التواصل بين إشكالية تباينت فيها الآراء والمواقف النقدية
الثقافتين»(.)2 العربية .ذلك أنها من «المقولات الإشكالية التي
شغلت المشهد الثقافي العربي لأكثر من عقدين من
ويؤكد قوله الناقد غالي شكري بإرجاع منبع الزمان إبدا ًعا ،ونق ًدا وتنظي ًرا ،ولا شك أن هذه
الحداثة العربية إلى الغرب الأوروبي حيث يقول: