Page 225 - m
P. 225

‫الملف الثقـافي ‪2 2 3‬‬

‫علي عبد الرازق‬  ‫عبد المنعم النمر‬  ‫الشيخ علي جمعة‬                        ‫في بحثه وفي علمه‪.‬‬
                                                                    ‫ننتقل الآن للحديث عن‬
    ‫عليه بأنه «أ َّفاك خ َّراص‪،‬‬            ‫وفردية التجربة؟‬            ‫الكتاب الذي استدعى‬
   ‫اشتهى أن ُيعرف فلم ير‬           ‫ما يثير الدهشة الأكبر أن‬        ‫تلك الضجة واستمطرته‬
   ‫وسيلة أهون عليه وأوفى‬            ‫الرجل لم يوضح رأ ًيا أو‬     ‫باللعنات آنذاك وحتى الآن‪.‬‬
                                  ‫يأ ِت بمذه ٍب جديد يستحق‬        ‫ما قام به الدمنهوري هو‬
     ‫بغرضه من الإلحاد في‬         ‫عليه مثل هذا الهجوم‪ ،‬الذي‬      ‫أنه جاء بالمصحف صحي ًحا‬
‫الدين بتحريف كلام الله عن‬        ‫وصل بأستاذه محمد رشيد‬              ‫وأخذ في كتابة هوامش‬
                                  ‫رضا أن يتبرأ منه ويهاجم‬         ‫خاصة بالتفسير بطريقة‬
    ‫مواضعه‪ ،‬ليستفز الكثير‬            ‫كتابه‪ ،‬حتى لو أخذنا في‬
   ‫من الناس إلى الحديث في‬        ‫الاعتبار تراجع رشيد رضا‬              ‫مختلفة‪ ،‬فهو لا يقوم‬
‫شأنه وترديد سيرته»‪ ،‬حتى‬           ‫عن آرائه السابقة وابتعاده‬        ‫بتفسير ألفاظ كلمات أو‬
   ‫أنه قام بالتنكيل بشيخين‬       ‫عن منهج الإمام محمد عبده‬         ‫معاني آيات‪ ،‬وإنما يعقب‬
‫أزهريين لشبهة صداقة لهما‬                                           ‫على الآية «ارجع إلى آية‬
   ‫مع أبي زيد‪ ،‬ومحاولتهما‬                         ‫التنويري‪.‬‬        ‫رقم كذا في سورة كذا»‪،‬‬
                                 ‫كان الهجوم على الدمنهوري‬          ‫وفي بعض الأحيان يذكر‬
     ‫توزيع نسخ من كتابه‪.‬‬                                         ‫السورة بدون تحديد رقم‬
  ‫تلاها موقف محمد رشيد‬             ‫وكتابه هائ ًل‪ ،‬بدأه الأزهر‬  ‫الآية المطلوبة مهما بلغ طول‬
    ‫رضا من أبي زيد‪ ،‬حيث‬              ‫عندما تشكلت لجنة من‬       ‫السورة وعدد آياتها‪ ،‬الأكثر‬
‫كان من أوائل من كتبوا ضد‬              ‫بعض علمائه لتنظر في‬         ‫من هذا أنه لا يضع نص‬
   ‫التفسير بجريدة الأهرام‪،‬‬                                         ‫الآية أو السورة المطلوبة‬
 ‫وأعاد نشر المقالات بمجلته‬         ‫هذا الكتاب‪ ،‬ولتحكم عليه‬       ‫للتفسير‪ ،‬مما يستدعي أن‬
    ‫«المنار»‪ ،‬وكأنه يتبرأ من‬        ‫بما ترى‪ ،‬ورفعت اللجنة‬          ‫يقوم القارئ بالقراءة في‬
                                                                 ‫كتابه والبحث في المصحف‬
    ‫علاقته بمحمد أبي زيد‪،‬‬             ‫تقريرها لشيخ الأزهر‬      ‫في الوقت نفسه‪ ،‬وهي عملية‬
‫الذي كان طالبًا في مدرسته‪،‬‬        ‫محمد الأحمدي الظواهري‬            ‫شديدة الإجهاد عند من‬
                                                                  ‫لا يحفظ القرآن عن ظهر‬
    ‫بل وكان ينشر بجريدة‬              ‫(‪ )1944 -1887‬فحكم‬            ‫قلب‪ .‬أظن أن الدمنهوري‬
                                                                 ‫كان يحاول أن يتعامل مع‬
                                                                ‫كل معنى من معاني القرآن‬
                                                               ‫كلغز مج َّزأ (‪ )puzzle‬نحتاج‬
                                                               ‫إلى تجميع أجزائها من شتى‬
                                                                 ‫سور المصحف كي تكتمل‬
                                                                  ‫ويتضح المعنى‪ ،‬ولكنه في‬
                                                                ‫النهاية لا يوضح ما توصل‬
                                                                  ‫هو إليه بعد تجميع اللغز‪،‬‬
                                                                   ‫وإنما يترك ذلك للقارئ‬
                                                               ‫فيما عدا استثناءات تعد على‬
                                                                  ‫الأصابع‪ ،‬فهل كان يتبنى‬
                                                                   ‫منطق الصوفية في ذاتية‬
   220   221   222   223   224   225   226   227   228   229   230