Page 29 - m
P. 29
27 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
د.محمد مزيان
(المغرب)
الفلسفة ،الأدب..
و«حدث» الموت
يشتق دولوز مسا ًرا مختل ًفا لإنقاذ الفلسفة من قبضة المفهوم .الأمر
عنده لا يتعلق بإغلاق إمكانية المفهمة بل بمراجعتها جذر ًّيا .ماذا لو تم
تخليص المفهوم من تقاليد مفهوم المفهوم ،تقاليد اختزال المفهوم في
عمليتي التجريد والتعميم؟ يتمثل التوقيع الفلسفي الخاص بدولوز في
أن المفهوم ليس تحني ًطا للكائن ضمن صورة عقلية ،الأحرى أنه إفراج
عن الكائن في معنى تحرير للسرعات وللتوترات الكامنة فيه ،فالمفاهيم
ليست بناءات صورية بل هي سيرورات ،أحداث وسيول ،توليف خيوط
ُتشكل نسيج الكائن.
بوصفه ُجماع حواس. هناك تصوران كبيران في الفلسفة عن الموت،
تستمد ممارسة الموت طرافتها من كونها المنقذ
الكبير نحو الخلاص في أفق الحقيقة .أما التصور تصور أفلاطون الذي فتح عص ًرا لم ينقض بعد
الثاني للموت فهو لسبينوزا ،وهو على الضد من حتى الآن ،تصور يضع الموت محو ًرا للتفكير
ذلك ،حيث الحياة هي ما يستحق التفكير ،أما الفلسفي .بموجب ذلك ،يكون التفلسف تروي ًضا
الموت فلا يكتسب معناه إلا من ُبعد الحياة .ما يهم للموت بوصفه المنفذ الكبير نحو الحقيقة والحرية.
الفلسفة ليس الممارسة اليومية للموت بل المضاعفة
اليومية لجرعة الحياة في الكائنُ .تعلمنا الفلسفة أن لقد فتح أفلاطون عصر ارتهان الحقيقه بالموت.
نحيا في معنى أنها تعلمنا أن نجرب يوميًّا ما نقدر فإذا كان التفلسف ليس أكثر من سعي دؤوب إلى
عليه ،فأن نعيش هو أن نجرب ،أن نحرر باستمرار
الحقيقة ،فهو إذن موت دؤوب .ليس الموت هنا
مطلق القدرة التي في حوزتنا .ما يكبح القدرة واقعة تحدث في الحين والآن ،ليس تلك الحادثة
التي توثقها شهادة الوفاة ،الأحرى أنه ممارسة
يومية تدفع عوائق الحقيقة الكامنة في الجسد