Page 32 - m
P. 32
العـدد 56 30
أغسطس ٢٠٢3
أفلاطون هي التي ُتشكل الحقيقة»( .)3يمكن إذن قراءة متن
بروست على ضوء فرضية ضرورة تخليص
مفهوم الإبداع من قبضة الموقف الأخلاقي
للنزعة الأفلاطونية .فالإبداع ليس اهتدا ًء
بعد ضلال ،مصالحة الإنسان مع
طبيعته الخيرة .الأحرى أنه مفعول
لضرورة ،لأنطولوجيا الكارثة أو
الفاجعة بلغة بلانشو .الفاجعة
عند بلانشو هي الاسم الآخر
للموت .الموت في معنى تعذر
المثول ،استحالة التجلي إلا على
قاعدة التواري اللامتناهي ،إنها
استحالة الحضور« .الفاجعة
إشارة إلى هنا يتعدى كل
حضور ..إنها ما ُيقوض كل
سيادة ،و ُيعطل عمل التفكير
ويفتح على نسيان قديم من كل
ذاكرة»( .)4يأتي عنف الخارج
إذن على ملكات الذاتُ ،يعطلها،
إنها في حضرة العدم .من معطى
العدم يتشكل الإبداع .العدم معطى
والإبداع بناء.
كيف التكفل بالعدم إذن؟ ذلك هو
معترك مختلف المرويات .نفسها
المروية اللاهوتية تعترف أنه في
الأصل كان العدم ،لكنها ُتبقي
على الذات الإلهية ماثلة شامخة .في
المقابل ،يشترك الأديب والفيلسوف
في قول إن العدم يأتي على كل ذات
محتملة ،فهو لا ُيبقي ولا يذر .إن المعترك
الأساس بين السرديات هو كيف السبيل
إلى تطويع العدم ،المجهول بلغة ليفيناس أو
المحايد بلغة بلانشو .لقد ش َّكل الفيلسوف مع
الخطيب والفقيه ثم الأديب فرقاء الصراع منذ
جولات الساحة العامة مع اليونان ،مرو ًرا ببلاطات
السلاطين في العصور الوسطى ،إلى قصور الملوك
في العصر الحديث ،وأخي ًرا رحاب الجامعات وشبكة
الإنترنتُ ..تستمد سلطة القائل من سلطة القول
وسلطة القول من القدرة على تملُّك العدم ،على