Page 56 - m
P. 56
التشابه بين النصين السابقين
يكاد يكون جل ًّيا ،فالمعتمد يتمنى
أن يكون كسرب القطا ،كي
ينطلق محل ًقا بلا أغلال ولا قيود،
وأبو فراس يخاطب حمامة على
غصن ،ويريد أن يقاسمها همومه،
لأنه كما يقول أولى بالدمع منها
غير أن دمعه غا ٍل إذا دهمته
الحوادث .ب ْيد أن الحزن الراعف
المعتمد بن عباد الإشبيلي يتشظى بقوة في نص المعتمد؛
فقلبه يطير إذا سمع باب محبسه
الجريح ،وصبابات قلبه الراعف أو حتى قفل الباب يتحرك!
بالحزن والأسى ،حتى
نكاد نسمع نشيج حرا ٌم أن يبي َت قري َر عي ٍن
بكائه عندما يقول(:)16 ولؤم أن يلم ب ِه سرور
أيا أماه كم هم طويل مضى وقد ذق ِت المنايا والرزايا
ب ِك لم يكن منه نصير ولا ول ٌد لدي ِك ولا عشير
أيا أماه كم سر مصون
بقلب ِك مات ليس له ظهور وغاب حبي بقلبِك عن مكا ٍن
أيا أماه كم بشرى بقربي ملائكة السما ِء ب ِه حضور
أتت ِك ودونها الأجل القصير
إلى من أشتكي ولمن أناجي ويمزج بين البكاء على أمه ،وبين الحديث عن
إذا ضاقت بما فيها الصدور مناقبها كالسماح ،والتقوى ،والأخلاق الكريمة،
أما المعتمد ،فقد تشكل الحزن لديه
وهو في أسره ،في ضوء الآلام التي فيقول(:)15
سيطرت على خواطره ،واستحوذت لي ْب ِك ِككل يو ٍم ص ْم ِت فيه
على أفكاره ،لذلك نجده يرثي ولديه: مصابر ًة وقد حمي الهجير
المأمون الذي قتل في قرطبة سنة لي ْبك ِك كل يو ٍم ق ْم ِت فيه
484هـ ،والراضي الذي قتل في إلى أن يبتدي الفجر المنير
رندة بعده بأيام ،حيث يقول(:)17 لي ْب ِك ِك كل مض َطه ٍد َمخو ٍف
يقولون صب ًرا لا سببل إلى الصب ِر
سأبكي وأبكي ما تطاول من عمري أليَ ْجب ْرِكت ِكيهكولقدم قسلكيالٍنمجفيقير ٍر
هوى الكوكبان الفتح ثم شقيقه أغث ْتيه وما في العظم زير
ويرسل الشاعر ذوب نفسه ،ونفثات حشاه