Page 103 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 103

‫‪103‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

     ‫قصــة‬

      ‫«ليتني َعرف ُت َك قبل تسع ٍة وعشرين عا ًما‪.»..‬‬                                         ‫«أيها اللعين‪ ..‬شر ٌف ل َك َأ ّن َك ُتجالسني أسا ًسا!»‪.‬‬
‫«لا تتح َّسري كثي ًرا‪ ،‬فحينها لم يكن ذاك من هو أنا‬                                      ‫«لم أ ُقل غير ذلك‪ .‬تؤ ِّكدين كلامي‪ .‬الأحرا ُر لا ُيسبِغون‬

                                     ‫الآن»‪.‬‬                                                   ‫شر ًفا على حضو ِرهم‪ ،‬لأ ّنهم يح ُضرون بكامل‬
                              ‫«أ ُّيها اللّعين»‪.‬‬
                                                                                                                             ‫حر ّيتهم»‪.‬‬
                  ‫>>>‬                                                                  ‫«صحيح‪ .‬أعتر ُف ل َك أ ّني أسيرة‪ ،‬آتي هنا وأجلس مع َك‬

    ‫هذه الم َّرة لم تكن كسابقاتها‪ ،‬حين َم َشت في النفق‬                                    ‫لأن َس ّل من قيدي للحظات‪ .‬لس ُت أنا تلك التي تعيش‬
 ‫المؤ ّدي إلى الطائرة المغادرة عبر الأطلسي‪ ،‬كانت تكاد‬                                 ‫خارج هذا المكان‪ ،‬ل َن ُقل‪ :‬بع ٌض منها ليس أنا‪ ،‬كن ُت أسوأ‬
                                                                                      ‫في الماضي‪ :‬أتدري ما يعنيه أن ُتق ِّدم التّنازلات لشخ ٍص‬
  ‫تطير‪ .‬لم يعد يظه ُر في أحلامها لأنها رأت ُه د ًما ولح ًما‬
‫أمامها‪ ،‬كان حقيقيًّا‪ .‬ورغم أ ّنها لا تزال تصطدم بحيا ٍة لا‬                                  ‫لا تحبّه؟ أتدري ما قد يحصل للإنسان وابتسام ُة‬
                                                                                        ‫مجامل ٍة تتج ّمد على وجهه لساعات؟ كنت أعب ُس بعدها‬
 ‫تعرف أهي من اختارتها أم لا‪ ،‬إ ّل أ َنها صارت تريد أن‬
                 ‫تعرف‪ ،‬وتأ َّكدت أ َّنها ليست وحيدة‪.‬‬                                      ‫لأيا ٍم ليستطيع وجهي استعادة شكله الطبيعي‪ .‬الآن‬
                                                                                          ‫أنا أفضل حا ًل‪ :‬أخر ُج وحدي‪ ،‬أصرخ‪ ،‬أتح َّدث بح ّد ٍة‬
                                     ‫هوامش وملاحظات‪:‬‬                                     ‫ووضو ٍح كصلية ر ّشا ٍش آلي‪ ،‬لم أعد أكترث‪ ،‬صر ُت‬

‫‪ :Coffee n’ News‬مقهى في شارع ال ّرينبو في منطقة جبل ع ّمان القديمة‪ ،‬صار‬                      ‫وقح ًة كما يقولون‪ .‬لك ّن سلسل ًة ما لا تزال تربط‬
                                                         ‫أث ًرا بعد عين‪.‬‬
                                                                                                                               ‫َق َدماي»‪.‬‬
   ‫ال َج ْفر‪ :‬معتق ٌل قا ٍس في الصحراء جنوب شرق الأردن‪ُ ،‬سجن فيه ال ّشيوعيون‬                                               ‫«‪[..‬صمت]‪»..‬‬
                                 ‫في خمسينيّات وستّينيّات القرن الماضي‪.‬‬
                                                                                                                       ‫«ما ب َك صامت؟»‬
   ‫الضبّاط الأحرار‪ :‬تنظيم من الضبّاط في الجيش الأردن ّي‪ ،‬نسب إليهم محاولة‬             ‫«أف ّكر‪ .‬قل ِت إ ّنك تز ّوجتِه هر ًبا من القيود بعد أن َر َف َض ْت‬
                                     ‫القيام بانقلاب على الملك عام ‪.1957‬‬                 ‫عائلت ِك مشروع ِك الموسيق ّي في الخارج‪ .‬ها هو تح ّول‬

   ‫النّابلسي‪ ،‬سليمان‪ :‬رئيس وزراء حكومة الأردن من ‪ 29‬تشرين الأول ‪1956‬‬                                 ‫بدوره مرسا ًة ثقيل ًة لسفنك الجامحة»‪.‬‬

 ‫إلى ‪ 10‬نيسان ‪ ،1957‬وهي أول وآخر حكومة أردنية تتشكل بأغلبيّة نيابيّة من‬                    ‫«كان يريد الهجرة إلى أميركا‪ ،‬قل ُت فرصة‪ .‬هنا أنا‬
‫الحزب الفائز في انتخابات (وهو الحزب الوطن ّي الاشتراك ّي الذي كان النابلسي‬               ‫مقيَّدة بسلاسل العائلة‪ ،‬لا أستنشق إ ّل الهواء الثّقيل‪.‬‬
                                                                                         ‫كان طريقي إلى الحر ّية‪ ،‬إلى الهرب لأحاول أن َأ ُكون‬
      ‫رئيسه)‪ .‬أُقيل بعد أقل من ستّة أشهر على تولّيه رئاسة الحكومة‪ ،‬وأُعلنت‬            ‫نفسي‪ .‬حاولت أن أدرس في الجامعة هناك‪ ،‬وأتابع آلتي‬

               ‫الأحكام العرفيّة في الأردن من ذلك التّاريخ وحتى عام ‪.1989‬‬                  ‫المف ّضلة‪ ،‬لم َي ُك ْن ُي َمانع‪ ،‬لكن حين جاء الولد الأ ّول‪،‬‬
         ‫أبو ْحنِيك‪ :‬اللّقب الذي يطلق على جون باجوت جلوب‪ ،‬أو جلوب باشا‪،‬‬                   ‫والثّاني‪ ،‬والثّالث‪ ،‬وال ّرابع‪ ،‬لم يعد ث ّمة مجال للهرب‪.‬‬
‫القائد العام البريطان ّي للجيش الأردن ّي حتى أوائل ‪ ،1956‬و ُل ّقب به نتيجة لتش ّو ٍه‬     ‫وها أنا َأ ِج ُدني هنا بعد ِت ْس ٍع وعشرين من السنوات‪،‬‬

                     ‫في ف ّكه السفلي ( َح َن ِكه) من رصاصة أصيب بها هناك‪.‬‬                             ‫ويتح َّولون ُهم‪ُ -‬هناك إلى قي ٍد بعيد»‪.‬‬
               ‫َخ ّو‪ :‬منطقة شرق مدينة الزرقاء تمركزت فيها قطعات عسكر ّية‬                                                   ‫«‪[..‬صمت]‪»..‬‬

                                                   ‫من الجيش الأردني‪.‬‬                  ‫«بعد سنتين‪ ،‬يكون آخر الأولاد قد أصبح مستق ًّل تما ًما‪،‬‬
                                                                                         ‫وأكون أنا قد قفز ُت على أول طائر ٍة عائد ٍة إلى ع ّمان‪،‬‬
‫أبو ُن ّوار‪ ،‬علي‪ :‬القائد العا ّم لأركان الجيش الأردن ّي الذي ُعيّن بعد تعريب الجيش‬        ‫وسأجلس معك هنا‪ ،‬في هذا المكان‪ ،‬نحتسي البيرة‬
            ‫وطرد جلوب باشا‪ ،‬نسبت إليه قيادة محاولة الانقلاب عام ‪.1957‬‬                     ‫المكسيكية المثلَّجة‪ ،‬ونضح ُك على ُر َكام البلا ِد التي‬
                                                                                                             ‫َت َر ْك ُتها خلفي‪ .‬وسأتز َّو ُج َك!»‪.‬‬
                                                                                                  ‫«بصراحة؟ أن ِت َأ ْج َب ُن من َأن تفعلي ذلك»‪.‬‬
   98   99   100   101   102   103   104   105   106   107   108